الوضع بمنطقة الكًركًرات على ضوء قرار مجلس الأمن رقم 2548( 2020)
محمد ليمام محمد علي سيد البشير/ ممثل الجبهة الشعبية ببلاد الباسك
تبني مجلس الأمن الدولي قراره الأخير رقم 2548 (2020) والخاص بالوضع في الصحراء الغربية، كما صادق على التمديد عاما كاملا لولاية البعثة الأممية الخاصة بالاستفتاء بالإقليم (المينورسو)، دون ان يقدم تصورا للحل ولا قاعدة للتفاوض عدا الاهتمام بتثبيت الوضع القائم. ويأتي تبني تلك اللائحة غداة اغلاق ثغرة الكًراكًرات غير القانوينة من قبل متظاهرين صحراويين منذ حوالي أسبوعين.
ولفهم حقيقة ذلك الحراك المدني الصحراوي بتلك الربوع المباركة من ترابنا الوطني، نرى انه من الأهمية بمكان وضع الأمور في سياقها الطبيعي. ولذلك فليس هناك ما هو اهم من الوقوف على الحقائق الدامغة ادناه.
وشهد شاهد من أهلها
في العام 1997، وفي خضم التحضير لعملية استفتاء تقرير المصير، الذي وافقت على خطته كل من جبهة البوليساريو، المغرب ومجلس الأمن الدولي. تقدمت بعثة المينورسو بما يسمى “الاتفاق العسكري رقم 1″ لمراجعته من قبل الطرفين المعنيين حتى يتسنى لهما الموافقة عليه. صادق الطرفان على الاتفاق العسكري رقم 1 كآلية تؤطر مراقبة وقف إطلاق النار في الوقت الذي يجرى فيه استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية. بحسب ذلك الاتفاق، يتحمل الطرفان المسؤولية عما يمكن أن يقع -خلافا للاتفاق العسكري-، في المناطق الخاضعة لسيطرتهما. وإقرار الجدار العسكري الذي بناه المغرب كحد فاصل بين الطرفين.
بحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع بالصحراء الغربية رقم S/2001/398، المؤرخ في 24 مارس 2001 والمقدم لمجلس الامن الدولي. ينص بوضوح على ما يلي في الفقرات التالية:
4.”وفي هذا السياق أبلغت السلطات العسكرية المغربية بعثة المينورسو بتاريخ 15 مارس 2001 بخططها في شق طريق معبد في الركن الجنوبي الغربي من الصحراء الغربية عبر المنطقة العازلة بطول 5 كيلومترات وصولا الى داخل التراب الموريتاني بالقرب من مدينة نواذيبو. وفي نفس اليوم انتشرت كتبة مشاة من الجيش المغربي في منطقة الكًركًرات على بعد حوالي واحد كيلومتر شمال منطقة تفتيش الجيش المغربي عند التقاطع بين الطريق الساحلي والجدار الرملي. وكان الهدف من هذه المرافقة توفير الامن للمقاولين الذين كانوا في طريقهم للعمل على الطريق بالقرب من نقطة المراقبة، متجهين جنوبا صوب طريق نواذيبوـ نواكشوطـ داكار”.
“5. ان ممثلي الخاص، السيد ويليام إيغلتون وقائد القوة، الجنرال كلود بوز، حذرا في اتصالاتهما بالمدنيين والعسكريين المغاربة بأن بناء الطريق المقترح قد أثار مسائل حساسة وانطوى على أنشطة قد تشكل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي 17 مارس اعطى قائد المنطقة العسكرية الجنوبية للجيش المغربي تأكيدات مكتوبة للبعثة تفيد بأن سرية المشاة المغاربة لن تتقدم جنوب الجدار الرملي الى المنطقة العازلة البالغة 5 كيلومترات طولا. وقد انقضى موعد بناء الطريق السريع في 25 مارس ولا يوجد أي نشاط بناء في المنطقة. انني أرحب بهذا الاجراء وأتمنى ان تقوم الأطراف المعنية من المغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا بحل الاشكال بالتراضي”. بعدها يعود نفس الأمين العام للأمم المتحدة ليؤكد نفس تلك المصطلحات في تقرير جديد حول الوضع في الصحراء الغربية S / 2001/613 بتاريخ 20 يونيو 2001 في الفقرات التالية:
“8. وقد أشرت في تقريري الأخير، انه وبناء على طلب البعثة تم تعليق استعداد القوات العسكرية المغربية لبناء طريق معبد بمنطقة الكًركًرات بالصحراء الغربية، الواقعة في الركن الجنوبي الغربي من الإقليم(S/2001/398 فقرة 4). وفي شهر ماي، وبعد ان اصبح ان البناء قد استؤنف، اتصلت البعثة والعديد من الدول الأعضاء بالسلطات المغربية وطالبوها بإعادة تعليق عملية بناء الطريق. وفي وقت لاحق، اكدت دوريات بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية انه لم يتم تنفيذ أي اعمال لبناء الطريق. انظر الفقرة 15 ادناه
“15. بتاريخ 28 ابريل 2001، أفادت دورية للاستطلاع الجوي تابعة لبعثة المينورسو بأن شركة مدنية كانت تقوم بأعمال تحضيرية لبدء بناء مقطع طريق في منطقة الكًركًرات ( S/2001/398 الفقرات 4 و5). بتاريخ 12 ماي أفادت دورية جوية تابعة لبعثة المينورسو ان اعمال البناء جارية على طريق غير ممهد من مسارين عبر الجدار الرملي والمنطقة العازلة باتجاه الحدود الموريتانية. في 20 ماي، وخلال اجتماع مع ممثلي الخاص وقائد القوة، افاد قائد المنطقة الجنوبية بالجيش المغربي الجنرال بناني ان الاعمال التمهيد على الطريق قد توقفت. وأكد مراقبين تابعين لبعثة المينورسو في الميدان انه قد تم تعليق الاشغال. وانسحب فريق بناء الطريق من المنطقة فيما بعد”.
بعد 19 عاما، نجد ان الأمين العام الحالي للأمم المتحدة يتجاهل كل ما ابلغ به سلفه في المنصب، وكل من المبعوث الشخصي والممثل الخاص على رأس بعثة المينورسو لمجلس الامن الدولي وللمغرب من انه اذا تم تنفيذ مخططاتهم فستمثل انتهاكا صارخا لوقف اطلاق النار. ولكن الحقيقة ان الأمين العام سيئ الصيت، أنطونيو غوتيريش ـ بعيد عن اجبار المغرب على احترام اتفاق وقف إطلاق النار والذي يريد التستر على هذا الخرق. فلم يبقى أمام جبهة البوليساريو على وجه الخصوص والشعب الصحراوي بصفة عامة من خيار أمامهم سوى العمل داخل الاراض الواقعة تحت سيطرتهم.
المبادرة في مرمي الجماهير
بمعنى اخر، ان اغلاق معبر الكًركًرات غير القانوني لا يظهر فقط عدم تماسك الأمم المتحدة، بل اشد من ذلك، يبين ان بعثة المينورسو باتت تمثل جزئية مسهلة لعمل الاحتلال المغربي. وأكثر اهتماما بتطبيع الوضع القائم أكثر من الحرص على أداء المهمة الموكلة اليها.
وبالتالي فإن الصحراويين عندما يتظاهرون امام الثغرة غير القانونية بالكًراكًرات فإنهم لا يقطعون حركة المرور بتاتا، كما يزعم الامين العام الحالي للأمم المتحدة في تناغم مع أطروحة الدولة المحتلة، بل انهم يتصرفون ببساطة بما نصح به الممثل الخاص للأمين العام الاممي ويليام ايغلتون، وقائد القوات ببعثة الأمم المتحدة الجنرال كلود بوز، محذرين من ان شق الطريق يمثل خرقا لوقف اطلاق النار.
من الأهمية بمكان ابراز ان الخرق يعد سلوكا غير قانوني، تستخدمه قوة الاحتلال لنهب الموارد الطبيعية للصحراء الغربية متجاهلة بذلك السيادة الدائمة للشعب الصحراوي على تلك الثروات إضافة إلى تصدير سمومها الى دول الجوار، اما بعثة المينورسو فمبرر وجودها ومكمن دورها يبقى تنظيم استفتاء يسمح للشعب الصحراوي تقرير مصيره واختيار مستقبله في اطرا خطة الأمم المتحدة للسلام.
لقد سئم الشعب الصحراوي كثيرا، وطال انتظاره، ومل من صمت وتواطؤ المجتمع الدولي الذي يخدم المحتل لفرض الامر الواقع (الاحتلال غير الشرعي للأراضي من قبل المغرب).
ان تواجد المدنيين الصحراويين في الثغرة غير القانونية لا يمثل فقط نتاجا للملل واليأس الذين عاناهما الشعب الصحراوي طوال العقود الثلاثة الماضية منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بل خير دليل على مجتمع مدني صحراوي نشط أبان بجدارة عن وعيه عن كيفية الدفاع عن حقوقه المشروعة بطريقة سلمية وحضارية نالت إعجاب كل محبي السلم والعدالة عير أرجاء المعمورة.
إن قرار مجلس الأمن الأخير، الذي تم بموجبه تمديد عهدة المينورسو لمدة سنة كاملة والذي لم يختلف في محتواه عن سابقيه من التقارير سوى في قضية واحدة و لكنها بالغة الأهمية الا و هي عدم إدانة غلق ثغرة الگرگرات غير الشرعية و لا مطالبته اللطرف الصحراوي بذلك بصفة واضحة على الرغم من محاولة كل من المغرب، و فرنسا والامين العام الحالي للأمم المتحدة. ويجزم بعض المتابعين للموضوع أن ذلك في حد ذاته يعد اعترافا ضمنيا بشرعية هذا الحراك الشعبي وإحراج كبير لدولة الاحتلال المغربية باعتبارها لم تجد تعاطفا دوليا يندد بإغلاق ثغرة الگرگرات غير القانونية وهو تعزيز للاتفاقية العسكرية رقم 1 التي تؤطر وقف إطلاق النار بغية تنظيم استفتاء حر وعادل يفضي الى تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وسيكتب التاريخ ان ما بعد غلق ثغرة الگركرات غير الشرعية ليس كما قبله، ما يجعل عامل الوقت يلعب لصالح الشعب الصحراوي باعتبار أن المغرب هو المستفيد الأكبر من الوضع الراهن لنهبه المتسارع لثرواتنا الطبيعية وتصديره لرأسماله الذي لا ينضب أي القتب الهندي وشتى أصناف المخدرات كما تقول بذلك عديد التقارير الدولية الموثوقة.
وفي هذا المقام لا بد من الإشادة بالموقف الموريتاني الرسمي والشعبي لما أبان عنه من رصانة وتعقل، اظهر معدن التضامن الكامن ووثق لعرى الاخوة والمصير المشترك بين الشعبين.
أخيرا، يبقى من نافلة القول ان جبهة البوليساريو والسلطات الصحراوية لا يمكنها منع مواطنيها من ممارسة حقهم في التظاهر كتعبير منهم عن الغضب في التأخير والتماطل في حل القضية الصحراوية، كما اكدت على ذلك لوائح وقرارات الأمم المتحدة نفسها خلال ال 60 عاما الماضية. بل انها جاهزة لأكثر من ذلك كما ورد على لسان الرئيس الصحراوي السيد إبراهيم غالي قبل أيام من ان أي مساس بمواطن صحراوي خارج حزام الذل والعار يعد بمثابة اعلان حرب.