إسمي عبد العزيز محمد حسنة، ولدت بمخيمات العزة والكرامة ، لم أر الجزء المحتل من وطني الذي يسيطر عليه النظام المغربي منذ العام 1975 ، لكن حكت لي جدتي عنه وكيف كان الصحراويون قبل ذلك يعيشون في ظل الإستعمار الإسباني الذي إستغل بداوتهم وعدم تفتحهم على العالم ، وعمل بذلك على تجنيسهم في ما يعرف بإحصائيات 1974 , بغية إدماجهم في المملكة الإسبانية والهاءهم عن أي تصور يمكن أن يحقق لهم كيانا صحراويا مستقلا .
تواصل جدتي حكايتها عن ذلك التاريخ وما تلاه ، وكلها تفاؤل بتحقيق حلم شعبها ، الذي شرده الإحتلال المغربي في 31 أكتوبر 1975 ، بل وحاول إبادته عن بكرة أبيه ، حين قصفه بقنابل النابالم والفسفور المحرمين دوليا ، هنا بالضبط بدأت عبرات جدتي تنهمر لتذكرها أفرادا من العائلة ومن الجيران من بينهم شيوخ ونساء وأطفال قد قضوا بغير وجه حق ، تأثرت أنا بحال جدتي وهي تجهش بالبكاء ، وتصورت من صدقها الحكاية التي أبانت عن بطش وهمجية الإحتلال المغربي ، بل وزاد يقيني بذلك حينما رأيت مشاهدا مماثلة يعرضها التلفزيون الوطني الصحراوي اليوم عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية ، لقد زادني كل هذا غضبا وحقدا على هؤلاء الظالمين ، ولم أتمالك نفسي في الوقت الذي تواصل فيه جدتي حديثها عن مأساة التشرد بمرارة قائلة :
لقد نجونا يا بني بأعجوبة من تلك الإبادة التي طالت الشجر والحجر ، لقد كنا ننتظر الموت في أي لحظة ، لكننا بفضل الله وعونه شعرنا بالإطمئنان حين وطأت أقدامنا المثخنة بالجراح أرض الجزائر ، القد إحتضنتنا بلاد المليون ونصف المليون شهيد ونحن في حالة يرثى لها ، حفاة عراة إلا من الصمود والإصرار على بلوغ الهدف المنشود ، لقد إستقبلنا الشعب الجزائري بصدر رحب وامن لنا المقام هنا بضواحي تيندوف ، أين ولدت أنت يا بني وفتحت عينيك على الدولة الصحراوية التي تدرس الآن في مدارسها وتحظى بعنايتها كغيرك من الأطفال والمواطنين الصحراويين .
تتوقف جدتي عن الحديث هنيهة ، وتربت على كتفي مردفة في تنهيدة عميقة بلهجتها الحسانية الصرفة :
” يعملك أخليفة مانك أتليفة “
ثم تواصل حديثها بلغة التقدير والعرفان ،
نشكر بلاد المليون ونصف المليون شهيد على مواقفها التاريخية بإحتضان الشعب الصحراوي المظلوم جورا وعدوانا ، ولا يفوتنا أيضا إلا أن نشكر منظمة غوث اللاجئين وغيرها من المتضامنين مع قضيتنا العادلة على ما قدموه ويقدمونه لنا من إعانات ومساعدات مادية ومعنوية ، ساهمت إلى حد كبير في تعزيز عوامل الصمود لدينا ، وكل ما نتمناه في الأخير تقول جدتي بعد أن كفكفت دموعها التي كانت تنهمر في كل مرة ، أن تنصفنا العدالة الدولية وان يعم السلام والوئام كل أرجاء العالم .
بقلم : محمد حسنة الطالب
بقلم : محمد حسنة الطالب