اليوم الوطني للمفقود
اكثر من نصف قرن يمضي على انتفاضة الزملة التاريخية في ال 17 يونيو عام 1970 في قلب العيون المحتلة، ذكرى لتخليد إعلان القطيعة مع ماضي التدجين و سيطرة الفكر الكولونيالي و الخضوع للمستعمر و أدواته في الحكم و الهيمنة.
من بين اكثر ردات فعل المستعمر الاسباني عداوة هي انتقامها من زعيم الحركة الثورية آنذاك الفقيد محمد سيدابراهيم بصيري، لم تستسغ السلطات الإسبانية حجم الوعي القومي التحرري الذي بثه الشهيد بصيري في قلوب الصحراويين و اهتزاز هيبة الوجود الأسباني في منطقة الصحراء الغربية مع انتشار شعارات القومية و التحرر و محاربة المستعمرين و الدعوة إلى طرد قوى الاحتلال.
يخلد الشعب الصحراوي اليوم مرور 52عام على تفجر أحداث انتفاضة الزملة التاريخية التي حررت الضمير الصحراوي من القيود التي كبلته بها اسبانيا، سعيا لقطع الطريق أمام الثورة و العصيان و المطالبة بالحقوق التاريخية الأساسية، و أمام كل هذا قاد الفقيد بصيري برؤيته و فكره تلك المقاومة السلمية و استطاع أن يوصل الوعي إلى كل البيوت الصحراوية، و رغم الفوضى التي زرعتها اسبانيا القوة الإدارية و الاستعمارية ما قامت به من قمع واسع للمتظاهرين و اعتقال قادة الأحداث و تعذيبهم و بينهم بصيري الذي أختفى إلى اليوم و فعلت به اسبانيا ما فعلت، إلا أن الفقيد بصيري بلغ رسالته و أطلق شرارة النضال و الوقوف في وجه المحتل الدخيل.
مرت أكثر من خمسين عاما و لا يزال الشعب الصحراوي ينهج نفس الطريق و هو طريق الخلاص من هيمنة المستعمرين و مؤامراتهم و طور الصحراويون كل هذه العقود من أساليب مواجهتهم و قد أعلنوا الكفاح المسلح و رفع راية المقاومة العسكرية كخيار استراتيجي في الدفاع و حماية الوطن و صون كرامة الإنسان.
إنها مسيرة من أكثر من خمسة عقود نقف فيها على جيش عصري منظم له تجربة فريدة في الحرب و انتفاضة شعبية واسعة في الارض المحتلة و جنوب المغرب و المواقع الجامعية و في السجون المغربية السيئة الذكر و تنظيم سياسي رائد تقوده الجبهة الشعبية في المؤسسات و في الجاليات و فروعها، ليس هذا فحسب بل أيضا تاريخ دبلوماسي خارجي مشرف و علاقات دولية قوية، كل هذا أعطى للشعب الصحراوي سمعة مقدسة في كل دول العالم بفضل مقاومته الشريفة و المشروعة و نبل أهدافه و ما يطمح إليه.
الجريمة التي نفذتها الإدارة الإسبانية ضد الشهيد محمد سيد ابراهيم بصيري و التي انتهت بقتله و محو آثار جريمتها بدم بارد هو انتقام من الفكر الوطني التحريري و من قاده في العيون و غيرها من المدن، و الشىء المخزي هو أن اسبانيا التي أصبحت اليوم دولة متقدمة لم تستطع نسيان الماضي و لا تجاوز عقده!
لم تكن يوما للدولة الإسبانية الشجاعة الكافية مثل الكثير من الدول كي تعلن عن توبتها من ماضيها الاستعماري و تعتذر معنويا و ماديا و تجسد ذلك سياسيا بكل جرأة رغم تعاقب الحكومات مختلفة التوجهات على الحكم في مدريد.
خلال سنوات من الحرب الطاحنة بين الجبهة الشعبية و النظام المغربي بسطت الأمم المتحدة خططها و وعودها بالحل و تقرير المصير ، لكنه بعد ثلاثين عاما كانت تلك الوعود سرابا و أبانت عن عجز بائس للأمم المتحدة التي فشلت في قيادة السفينة الى بر الأمان، و بالتالي تفجر الوضع من جديد و عادت الحرب بتاربخ ال13 نوفمبر 2020 بعد يآس جبهة البوليساريو من حالة السكون و اللعب على عامل الوقت و الاستفزاز، في وقت لم تكن شهادة المجتمع الدولي سوى عار و ضعف أخلاقي لا يمكن تبريره.
استئناف البوليساريو للكفاح المسلح اعقبه تململ و غموض في الموقف الإسباني سرعان ما فضحه الإعلان الرسمي في رسالة رئيس الحكومة بيذرو سانتشيث إلى ملك المغرب و تأييده للحكم الذاتي، و كأن إسبانيا لا تريد لخيانتها للشعب الصحراوي أن تتوقف بعد عقود من الغدر و الخديعة، إسبانيا القوة المديرة بحكم القانون الدولي لم تشفى من عقدة الشعب الصحراوي و تأبى استرداد دينها التاريخي و ما سببته من ألم للصحراويين.
اننا في وزارة شؤون الارض المحتلة و الجاليات، و نحن نخلد هذه الذكرى المصادفة ليوم وزارتنا، نطالب الدولة الإسبانية بالكشف عن كل ملابسات اختفاء الزعيم البطل محمد سيد ابراهيم بصيري.
إنه موقف تحد يفرض على الشعب الصحراوي اليوم الوقوف في وجه عواصف الخيانة و الغدر و يتطلب الالتفاف حول قدسية أهداف التحرير و الإنضواء تحت لواء التنظيم الوطني الثوري للجبهة و حامي حمى الوطن، جيش التحرير الشعبي الصحراوي، و هذا التحدي الذي رفعه الشعب الصحراوي في ظروف عصيبة يفرض عليه اليوم مزيدا من الحزم و مجابهة مخاطر تحديات المرحلة و متغيرات الوضع الجيوبوليتيكي اقليميا و دوليا.
كفاح، صمود و تضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية
وزارة شؤون الأرض المحتلة والجاليات : 2022/06/18.