على بعد بضعة كيلومترات من مدينة تندوف يقام احد مخيمات اللاجئين الصحراويين، والذي يحمل اسم العيون نسبة إلى مدينة العيون المحتلة من طرف القوات الغازية المغربية الواقعة في اقليم الصحراء الغربية. أقيم هذا المخيم ومخيمات آخرى في نهاية 1975عندما اجتاحت الجيوش المغربية والداداهية أرض الصحراء الغربية، بعد انسحاب المستعمر الاسباني بفضل مقاومة أبناء الشعب الصحراوي البطل. لجأ مئات النساء والأطفال إلى هذه المنطقة الحدودية مشيا على الاقدام أو عبر وسائل نقل قديمة هربا من بطش جنود الغزاة الذين دمروا كل شيء، وقد قتلوا بدم بارد الكثير من المدنيين و أبادوا مواشيهم وقطعان ابلهم ،وحرقوا قراهم ومدنهم وسمموا ابارهم. ظل هؤلاء اللاجئون صامدون يقارعون أعداءهم ويلحقون بهم اكبر الهزائم، حتى استسلم العميل ولد داده ثم استنجد ملك المغرب بالأمم المتحدة، عارضا إجراء استفتاء تقرير مصير شعب الصحراء الغربية. مرت ثلاثون سنة من المناورات والخداع ،اكتشف الصحراوييون بعدها مكر النظام المغربي الذي يظن أن عامل الزمن سيفكك صمود ووحدة أهل الصحراء، و فحملوا أسلحتهم من جديد عازمين على مواصلة الكفاح حتى النصر. خلال 45سنة من اللجوء مكث النساء والأطفال في خيم ومباني من الطين بدون كهرباء اين يعيشون على مساعدات إنسانية لا تتكافا مع متطلبات حياتهم اليومية في كثير من الأحيان. بعد إمداد بعض المخيمات بالكهرباء للتخفيف من معاناتهم ، جاء الدور لمخيم العيون بعد جهد كبير من عمال شركة الكهرباء، استبشر خيرا معظم اللاجئين آملين أن يساعدهم الوافد الجديد متاعب الظروف المناخية القاسية التي تميز هذه المنطقة من ارض الجزائر الحبيبة. جاء طفل صغير يجري نحو جدته المقعدة في الفراش والتي كانت تتناول الشاي برفقة امه، وقال ببهجة كبيرة، دادة لقد تم الإعلان رسميا عن تدشين الشبكة الكهربائية في ولاية العيون، لن تجاوبه جدته واضاف قائلا: أنه أمر رائع سنتمكن من مشاهدة التلفزيون والمطالعة بإنارة جيدة و سيكون لنا ثلاجة تحفظ لنا المواد الغذائية ومكيف يعيننا على حرارة الصيف. رفعت الجدة ايديها الى السماء واغمضت اعينها ثم قالت” ياذو الجلال والاكرام يا من لك نور الشمس والقمر، يامن كتبت لنا المكوث في هذه الأرض القاسية المناخ عشرات السنين ، يامن خلقت العلم، ومكنت الإنسان من ابتكار الكهرباء ورزقت الفرحة لهذا الصبي، اللهم إني انتظر منك فرحا قريبا يريح قلبي فبشرني يارب العالمين ، ارزقني فرحتك، فرحة شعب بأكمله متمثلة في الرجوع الى مدن واودية وشواطئ الصحراء الغربية. تلك هي الفرحة الكبيرة. استمر الصغير وأمه الذي ازدادت في المخيم ينظران في هدوء الى الجدة باحترام وتقدير. هما يعرفان أنها جاءت من الصحراء الغربية، حين وقع الاجتياح، وهي في ريعان شبابها، فلا السنين ولا مآسي الحرب واللجوء انستها ارض أجدادها، و لا شيء سوى استقلال ارض الساقية والوادي يرضيها.
شاهد أيضاً
إغلاق
-
مقترح ديمستورا : خطة فرنسية بأمل مغربي.
18 أكتوبر 2024