حتى نفهم أكثر، هل قضية الصحراء الغربية من اختصاص الأمم المتحدة أم الإتحاد الأفريقي، لا بد من العودة إلى مجريات ما حدث منذ البداية. في سنة 1976م، ضغط المغرب، معتمدا على تصويت الولايات المتحدة، كي يتم تحويل ملف قضية الصحراء الغربية من الجمعية العامة إلى منظمة الوحدة الإفريقية فتم له ذلك.
يوم 1 ديسمبر 1976م، صدرت
اللائحة 31/45 عن الجمعية العامة، وتقول إحدى نقاطها: -تحيط علما بالقرار المُتبني من طرف ندوة رؤساء الدول والحكومات لمنظمة الوحدة الافريقية الذي دعا إلى عقد جلسات استثنائية تهدف إلى إيجاد حل دائم وعادل لقضية الصحراء الغربية؛
3-تقرر تأجيل دراسة قضية الصحراء الغربية إلى القمة القادمة-قمة 1977م-.
في العمق، لم تكن البوليساريو تريد أن يتم نقل الملف إلى منظمة الوحدة الإفريقية، وكانت تفضل أن يبقى في الجمعية العامة فقط. حاولت منظمة الوحدة الإفريقية معالجة القضية، لكن تأثير فرنسا على بعض الدول الإفريقية حال دون ذلك. في سنة 1978م، تمت المصادقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرارين متناقضين تحت نفس الرقم. التوصية رقم 31/33 A وB، لسنة 1978م شطر A، تدعو إلى إعادة الملف إلى الجمعية العامة وهي التي أيدتها البوليساريو، بينما الشطر B ايده المغرب وفرض أن تبقى القضية في منظمة الوحدة الإفريقية. بتاريخ 10 يونيو 1983م، صدرت اللائحة 104م عن منظمة الوحدة الإفريقية، وتدعو إلى تعاون منظمة الوحدة الإفريقية والجمعية العامة للأمم المتحدة لحل قضية الصحراء الغربية. بعد طرد المغرب سنة 1984م من منظمة الوحدة الإفريقية، بسبب رفضه لتوصياتها، بدأ يطالب ان يُعاد الملف إلى الجمعية العامة. في اللائحة 104 لمنظمة الوحدة الإفريقية، نجد النقطة الرابعة التي تقول:- تطلب من الأمم المتحدة، بالتعاون مع منظمة الوحدة الإفريقية، أن تُحضِّر قوة لحفظ السلام إلى الصحراء الغربية لضمان السلم والأمن خلال تنظيم وإجراء الاستفتاء؛
هذه النقطة هي التي ستكون جوهر مقترحات التسوية الأممية الافريقية التي نتج عنها مخطط السلام سنة 1990م. فمخطط السلام، الذي كان يجب أن تتعاون على تطبيقه منظمة الوحدة الإفريقية والجمعية العامة للأمم، تم احتكاره من طرف مجلس الأمن، وبما أن منظمة الوحدة الإفريقية، التي أصبحت تسمى الإتحاد الأفريقي، لا يوجد منها أي عضو في مجلس الأمن، فقد تم تغييبها عن تطبيق مخطط السلام رغم أنها هي التي اقترحته. هذا يعني مجلس الأمن قام باحتكار معالجة قضية الصحراء الغربية واختطفها من يد الإتحاد الأفريقي الذي أصبح متفرجا فقط. لماذا مثلا لا يطلب الإتحاد الأفريقي، ككتلة، مقعدا للجمهورية الصحراوية في الجمعية العامة مادامت دولة معترف بها من طرف هذا الاتحاد؟ كيف يترك هذا الاتحاد دولة عضو فيه خارج الأمم المتحدة؟ المنطقي أن من مسؤولية الإتحاد الأفريقي أن تصبح كل الدول الأعضاء فيه أعضاء في الأمم المتحدة. هناك خلل كبير في هيئات الإتحاد الأفريقي وقوانينه رغم مجهودات دوله التي لا تستظل بالمظلة الفرنسية. النتيجة أن مجلس الأمن قام بتجميد دور الإتحاد الأفريقي في قضية الصحراء الغربية وحوله من اتحاد مسؤول عن جميع دوله الى اتحاد متفرج فقط. حسب قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخير يطلب الإتحاد الأفريقي من الأمم المتحدة أن تُصدر فتوى قانونية بشأن فتح قنصليات في الصحراء الغربية المحتلة، ويطالب بفتح مكتب للاتحاد في العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة. المنطق البسيط يذهب في إتجاه أن الإتحاد الأفريقي، نفسه، كان عليه ان يصدر فتوى قانونية حول عدم شرعية فتح دول أعضاء فيه لقنصليات في الصحراء الغربية المحتلة، ثم ينقل الموضوع الى الأمم المتحدة.