النظام المغربي والحسابات الخاطئة !
يكرر الإحتلال المغربي في كل مرة أخطاءه ، ولا يستوعب الدروس على بساطتها بوصفه تلميذ غبي ، لا ير قدوته إلا في الإستعمار وممارساته اللعينة ، ولعل ذلك من الأسباب التي أوقعته اليوم في أكثر من فخ سيدفع ثمن كل منها دون شك عأجلا أم آجلا .
– فخ الگرگرات الذي مازال يجلب الويلات والمآسي على الشعب المغربي ونظامه الفاسد ، الذي يتستر على خسائر الحرب الدائرة اليوم في الصحراء الغربية ، والتي ما زالت تأخذ في بداياتها شكل هجومات متكررة تقودها جبهة البوليساريو على طول الجدران الدفاعية لجيش الإحتلال ، والتي قد تتطور في ما هو قادم من الأيام لتصل حتى إلى داخل التراب المغربي .
– فخ التطبيع المغربي مع إسرائيل الذي يوغل خنجر الخيانة في خاصرة الشعب الفلسطيني ، ويدخل القضية الصحراوية في عملية مقايضة بدت واضحة من خلال تغريدة لدونالد ترامب على تويتر ، إعترف بموجبها بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية .
وقوع الإحتلال المغربي في هذين الفخين لا يعبر عن حكم راشد ، ولا يمكن أن يمر دون نتيجة تذكر ، فماهي إذن تداعيات غباء النظام المخزني على نفسه ، وعلى الشعب المغربي الذي ضاق ذرعا بسياساته الفاشلة في مختلف المجالات ؟
هذا ما نحاول إيجازه في النقاط التالية مع توقعاتنا لما قد تؤول إليه الأمور :
1- تأزم الوضع المغربي وعدم إستقراره ، خاصة في ظل الحرب الدائرة ، التي تكبد هذ الإحتلال الغاشم خسائر عسكرية معتبرة في الأرواح والمعدات ، والأكثر من ذلك تأثيرها على عجلة الإقتصاد المغربي المثقل بالديون ، وشلها لمشاريع الإستثمار المختلفة ، وللسياحة التي يعتمد عليها المغرب إلى جانب زراعة المخدرات التي يصدرها جوا وبرا للعديد من دول القارة السمراء ، فالصحراء الغربية أصبحت منطقة حرب طبقا للتحذير الذي جاء في بيان الحكومة الصحراوية وتعلم به الدول والشركات الأجنبية بضرورة تفادي الملاحة البحرية والجوية وأي نشاط على أرض الجمهورية الصحراوية .
2 – تكتم دولة الإحتلال على الحرب وعلى مضض في الوقت الذي تصر فيه جبهة البوليساريو على مواصلتها حتى فرض خيارات الشعب الصحراوي ، التي إرتفع سقفها إلى تحقيق الإستقلال بأي ثمن وبسط سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني .
3 – إعلان جبهة البوليساريو تعاطيها مع مساعي السلام الأممية شريطة أن تتحلى بالجدية والفاعلية وإحترام إرادة الشعب الصحراوي في تقرير المصير والإستقلال ، على أن يكون كل ذلك في ظل دوي المدافع ولعلعة الرصاص ، وهو الأمر الذي يزعج النظام المغربي ويتعارض ورغبته الملحة في عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 13 نوفمبر الماضي .
4 – عودة القضية الصحراوية إلى التداول في مراكز القرار ، وإلى الواجهة الإعلامية الدولية بشكل فند كل الإدعاءات والمغالطات المغربية الواهية ، عبر الأخبار وعبر تحقيقات تاريخية وميدانية ، وتحاليل سياسية وإستيراتيجية لطبيعة الصراع القائم في الصحراء الغربية منذ زمن بعيد .
5 – في ما يخص تطبيع المغرب مع إسرائيل ، فإنه جاء ليؤمن بقاء العرش الملكي فقط ، الذي أصبح مهددا بالزوال في أية لحظة بسبب الأزمات الخانقة التي يعاني منها الشعب المغربي في مختلف المجالات ، والتي أصبحت مدعاة لتأجيج الشارع وإشعال شرارة الثورة على هذا النظام الطاغي وسياساته الظالمة للمغاربة في مختلف مناحي الحياة .
هذا ويأت إعتراف ترامب بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية ، والذي حصل عليه نظام محمد السادس بشق الأنفس في آخر أيام ترامب بالبيت الأبيض ، بغية إستعادة ثقة الشعب المغربي الضائعة ، هذا في الوقت الذي يحاول فيه المخزن التدليس على عملية المقايضة ، وإظهار مسألة الإعتراف بالسيادة المغربية من طرف ترامب على الصحراء الغربية بالفتح الدبلوماسي المبين ، لكن الواقع في هذا الصدد يعتريه الكثير من الريبة والشك حول ضحالة الأثار التي قد تترتب عنه ، وهو ما قد يساهم في تأليب الشعب المغربي على نظامه هذا المتهور ، والأكثر من ذلك ما قد يسببه هذا التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من ردة فعل ، لاسيما من قبل الشعوب العربية والإسلامية المتحررة ، وغيرها من الشعوب الأخرى المحبة للعدل والسلام في العالم على هذا التوجه المغربي المخزي والمهين ، فالقضية الفلسطينية قضية شرعية وليست لغرض المتاجرة ، تماما مثل ما هو الشأن بالنسبة للقضية الصحراوية العادلة والمصنفة قضية تصفية إستعمار من طرف اللجنة الرابعة للأمم المتحدة ، والتي حددت وضعيتها القانونية كل من محكمة العدل الدولية ومحكمة الإتحاد الأوروبي ، هذه الأخير التي تعتبر الصحراء الغربية والمغرب بلدان منفصلان ومتمايزان .
6 – أما في ما يخص إعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ، الذي يحتمي وراءه نظام المخزن خوفا من ردة فعل الشعب المغربي على عملية التطبيع مع إسرائيل وعلى ما سبقها من مآسي وويلات مازال يكابدها ملايين المغاربة ، فإن ذلك لن يدوم إلا بالقدر الذي ستنجلي فيه كل مناورات ومغالطات المخزن ، المخالفة لمبادئ حقوق الأنسان ولقرارات ومواثيق الشرعية الدولية ، هذه الأخيرة التي تعد الولايات المتحدة الأمريكية العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي ، من المؤسسين لها ومن رعاة تطبيقها حفاظا على الأمن وعلى العدل والسلام في العالم ، وتأسف على خرقها العديد من الشخصيات السياسية الإمريكية الوازنة ، وأدانته الكثير من الدول وجمعيات المجتمع المدني وغيرها في مختلف أنحاء العالم ، كونه يعتبر إنقلابا أمريكا على توجهها في إطار الشرعية الدولية ، وهو ما يصفه الكثيرون بزرع للألغام في طريق الرئيس الأمريكي القادم جو بايدن ، الذي يتحتم عليه السير بحذر تفاديا لكل المطبات التي تركها ترامب في أيامه الأخيرة لحاجة في نفس يعقوب ، خاصة وأن هناك حديث حول تلقي ترامب مبالغ مالية معتبرة من طرف النظام المغربي لقاء القيام بهذه الخطوة المجحفة في حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف .
7 – سيرحل ترامب عن البيت الأبيض ، وسيدخله جو بايدن بكثير من الحيطة حرصا على ما وعد به الناخب الأمريكي ، الذي ضاق ذرعا بالكثير من السياسات المتهورة للرئيس ترامب ، والتي كانت لها إنعكاساتها السلبية على الوضع في أمريكا ، لا بل وأثرت على زعامتها للعالم ، وهكذا تبقى أحلام النظام المغربي ورغبته في النجاة معلقة بشعرة بين قرار دونالد ترامب وتوجه جو بايدن ، والأيام القادمة وحدها كفيلة بالفصل في هذه المسألة .
بقلم : محمد حسنة الطالب