تختلف النفوس البشرية في الوفاء لقيم الثورة والحق، كاختلاف القول والفعل
إن النفوس لا تتعادل في عطائها للثورة ووفائها لها، لان الشيطان يأمرها بالشر والله يأمرها بالاستقامة، ولكل طرف فريقه، فمنهم الصادق الوفي الذي لا يتزعزع ولا تشيبه شائبة حتى يلقى ربه على العهد الذي عاهده عليه، ومنهم من لا يتعدى ايمانه “الكُوكْرِ”، فيهب حين تهب عاصفة النضال والثورة ويتولى حين تهدء وتضحى نسيما يغذي النفوس المؤمنة الهادأة الصافية، ومنها ما دون هذا وفوق ذاك، ويجد شيطان الجن والانس بين ذلك التربة الملائمة لتكوين حزبه.
و للوفاء سيمات وللتخاذل علامات، ولقد قال اللّٰه تعالى: مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”، صدق اللّٰه العظيم، فلما ذُكر أن المنافقين نقضوا العهد وولوا الأدبار في غزوة وحد وثبت المؤمنون مع النبي صل اللّٰه عليه وسلم لاثبات الحق، وصف اللّٰه المؤمنين بأنهم استمروا على العهد والميثاق، وتلك هي سيمة المؤمن الكامل الذي إذا عاهد الله لا يغيِّر ولا يبدِّل، ومن علامات رسوخ إمانه ثباته على عهده. أمَّا الإنسان الذي إذا أصابَهُ خير اطْمأنَّ به وكان مختالا فخورا وسطع كوكبه، وإن أصابَهُ ما يعتقد انه غيره انْقلب وفل نجمه، وفأقل ما يقال عنه، انه ضعيف. كما قال اللّٰه عز وجل في نص التنزيل: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} صدق اللّٰه العظيم. إن صورةٌ نموذجٍ المؤمنين الذين اكتملت فيهم صورةُ الإيمان، في مقابل صورة النفاق والضعف ونقضِ العهد لهي صورة لهي صورة ناصعة وضاء امام رصورة القت والسواد، ولا يجدها ويفرقها الا شقي
وانطلاقا مما تقدم نرى ان الإنسان في امتحان دائم وصراع مستمر بين النفس الامارة وبالسوء وحملها على ما يزينها، بين ما يظن الانسان انه يفيده في عاجله وخلافه مما ينفعه في آجله، ومعلون ان الانسان خلق عجولا، كما قال عز وجل: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”. “وقوله: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”. و”وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا” صدق اللّٰه العظيم. إننا في الجبهة السعبية قد عاهدنا من سبقونا للوفاء بالعهد واعطوا كل ما يملكون في سبيل الاستقلال بأن نواصل طريقهم حتى نلحق بهم او نحقق النصر ومهما اعترض سبيلنا من عراقيل فلا مبرر للتخاذل ولا سبيل الا للوفاء، وخاصة اننا اصبحنا قاب قوسين او ادنى من تحقيقه. ثبتنا اللّٰه واياكم على العهد والنصر اكيد بإذ اللّٰه.
بقلم: محمد فاضل محمداسماعيل (obrero)