حرب الجيل الرابع (الحرب النفسية و تأثيراتها السلبية على المجتمعات ) (الجزء الثامن )
التخريب السياسي الإيديولوجى:
كجزء من الإستراتيجية المعادية . منذ منتصف العقد السادس من القرن الماضي ،بدأت تظهر جليا الأطماع الفرنسية في أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب (الصحراء الإسبانية ) عبر المطالبة بتصفية الإستعمار من الإقليم وتمكين السكان الأصليين من التعبير عن رأيهم عبر إستفتاء يقررون من خلاله مصيرهم، المطالبة السالفة الذكر عبرت عنها بالنيابة عن فرنسا ،مستعمراتها المجاورة للإقليم أمام مجلس الأمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر خطابات رسمية او رسائل مبعوثة للأمين العام للهيئة. كل هذه المطالب المشروعة لم تكن يوم من الأيام لا عفوية ولا بنية صادقة تجاه سكان الصحراء الغربية ،بل هي سياسة مدروسة ومحكمة من طرف المخابرات الفرنسية ومستعمراتها السابقة المجاورة، كذلك تم تجنيد لهذه المهمة الخبيثة الكثير من الصحراويين بدون وعيهم نذكر منهم ما سمي يومها بجيش التحرير،الذي كان يضم في صفوفه الصحراويين بمختلف تواجدهم وبالرغم من حسن نية المنخرطين إلا أن المؤطرين كانوا يهدفون الى أهداف واضحة المعالم بنوايا مبيتة التي ستنكشف في ما بعد مع تزايد الوعي في صفوف المنتسبين للجيش. بعد المحاولة الوطنية الأولى في تاريخ الشعب الصحراوي (المنظمة الطلائعية لتحرير الصحراء)لتأطيرهم وتنظيمهم من أجل المطالبة بحقوقهم بصفة رسمية وبطابع سلمي لجلاء الإستعمار من أرضهم ،تيقن المخزن المغربي بأن المهمة التي كان يطمح ويدبرلها اصبحت صعبة المنال بالخصوص بالطريقة “السلمية”وبأيادي صحراوية لذا بدأ التفكير والبحث عن أساليب جديدة للمهمة وبما أن عين المخزن مطروحة على الثروات الطبيعية الصحراوية للإستلاء عليها ونهبها وتجسيدا لأوامر القوة المهيمنة “فرنسا” فعليه لا يمكن التراجع عن الخطة المسطرة. لهذه المهمة ومن اجل التشويه والتشويش على النضالات الجسيمة والصادقة للوطنيين الصحراويين أنشأت المخابرات المخزنية عدة منظمات بطابع سياسي وتحت غطاء المطالبة بالحقوق المشروعة للصحراويين في الإستقلال وتصفية الإستعمار المنصوص عليها في لوائح الإمم المتحدة. من ضمن هذه المنظمات والتكوينات السياسية ما هو محلي وماهو دولي نذكر منهم علي سبيل المثال لا للحصر حركة الرجال الزرق التي يترأسها رجل المخابرات المغربية البشير الفيگيگي (الكاف تقرء كجيم باللهجة المصرية)نسبا لمدينته فگيگ المغربية المحاذية لمدينة بني ونيف الجزائرية،رجل المخابرات الذي يحمل عدة أسماء مستعارة منها “محمد الطالبي” “ادوارد موحى” هذه الحركة التي إستطاعت أن تتسلل الى قلب العاصمة الجزائرية وتتبناها جبهة التحرير الوطني الجزائرية كحركة تحرر تطالب بتصفية الإستعمار من الصحراء الغربية . لم تسلم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) منذ نشأتها كحركة تحررية جامعة لمطالب الصحراويين وموحدة لأهدافهم وتطلعاتهم ،لم تسلم من الحرب النفسية بجميع صنوفها ،اذ انه وتزامنا مع إكتساحها للرأي الوطني الصحراوي وتمثيلها له ،خلق المستعمر الإسباني تنظيمات وحركات موازية من اجل تشتيت صفوف الصحراويين سياسة فرق تسود “حزب الاتحاد الوطني الصحراوي” (البونس) ،ثم بعد ذلك اصبحت الدعاية موجهة الى قيادات وزعامة البوليساريو بحد ذاتها اذ اطلق عليهم محليا “الفلاگة” “اهل لگفيفات” والى ما ذلك من تشويه مقرض هدفه هو تقزيمهم امام اعين العامة. كل هذا لم يضر او يمس من الإرادة الفولاذية للصحراويين ومن خلال وعيهم المبكر وأيمانا منهم بالتحديات وعدالة قضيتهم عملت جبهة البوليساريو على رص الصفوف وتقوية الوحدة الوطنية وإفشاء الوعي بين الجماهير من خلال تثقيفها وتعبئتها وتحريضها ،الشيءالذي أعطى نتائج جد إيجابية وأجهض العديد من المحاولات الدنيئة للمحتل المغربي. خلال الحرب الضروس التي خاضها جيش التحرير الشعبي الصحراوي ضد الجيش الملكي المغربي ومع الانتصارات الكثيرة والكبيرة للجيش والشعب الصحراويين ،بدإ المخزن المغربي من جديد في حربه النفسية محاولا التقليل من تلك الملاحم البطولية من خلال بث دعايته عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة سواء كانت مشرقية او غربية مرتشية وإمبريالية حقودة ،بث عبرها مستقلا زمن القطبية العالمية بأن الصحراويين بدو رحل لا يمكنهم استخدام التكنولوجيا وأن جيش البوليساريو هو عبارة عن مرتزقة من الجزائر،كوبا،الفيتنام،ليبيا وووووو. المخزن كذلك لم يفوت الفرصة ليلعب على الوتر الديني ليزرع البلبلة ويشكك في العقيدة الدينية والأيديولوجية التحررية للصحراويين ويبث عبر الوسائل السالفة الذكر بأن منتسبي البوليساريو ملحدون وشيوعيون وكفار وووووو. كل هذه الأساليب لم تعط نتائج تذكر بفضل حنكة وسياسة البوليساريو الشفافة التي فتحت المخيمات على مصراعيها للوفود الإجنبية –صحافيين ،سياسيين،حقوقيين ومراقبين –من أجل الوقوف على الواقع والحقيقة على الأرض. بعد أكثر من عقد ونصف من الحرب تأكد المغرب انه لن يستطيع حسم الصراع عسكريا بفضل بسالة وشجاعة المقاتل الصحراوي الذي رد له الصاع صاعين ،بعدها بدأ التفكير في ايجاد حلول سلمية يمكن لمغرب الحسن الثاني ان يخرج من الحرب بأقل الضرر وان لا يكون مهزوما امام الرأى الوطني المغربي ،لذا عرض الحل السياسي ومرره عبر حلفائه وإصدقائه في مجلس الأمن الدولي من خلال تنظيم إستفتاء حر ونزيه للإقليم تشرف عليه منظمتا الوحدة الافريقية والامم المتحدة.
……..يتبع.
بقلم : المامي حمادي اعبيدي.