في حضرة عيد الشهادة والخلود
بقلم: لحسن بولسان
يستعيد الصحراويون يوم تاسع يونيو من كل سنة ذكرى عيد الشهداء ، وفي عيدهم يكون لليقين طقوسه ، حيث تنحني الجباه والهامات إكراماً وإجلالاً لمن جسدوا معنى التضحية ودلالات السخاء الذي لا حدود له من شلالات الدم الطهور المنتشرة على سفوح جبال ووديان و سهول ورمال الصحراء الغربية.
في استحضار ذكرى تاسع يونيو تاريخ إستشهاد مفجر الثورة الشهيد الولي مصطفى السيد يخلد الصحراويون الدم الصحراوي الطاهر، ليحضر النبل والكرم ويتصل الماضي الذي أسسس له الفقيد سيدي أبراهيم بصيري ورفاقه ، بالحاضر ،ليضفي الحدث على إرادة شعبنا ألق العطاء الممهور بضفائر الوطن الممتدة على طول تواجد الشعب الصحراوي.
فعلى مساحة الصحراء الغربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها توزعت مواكب الشهداء وزرعت ساحات الوطن بالشرف ، ليرسموا بها قصة كفاح شعب إمتلات فصولها بشواهد وتضحيات عززت مفهوم الانتماء ومعنى التجذر بالأرض والتمسك بخيار لا بديل لا بديل عن الاستقلال الوطني كمصير.
وعلى هدى تلك التفاصيل تشكلت ارادة شعب رفض الخنوع و تبلورت منذ الفترة الاولى من إندلاع حرب التحرير بالنار والدم والمعاناة و من يقين ألاف الشهداء والشهيدات ، وصُقِلت بعرق الكفاح والدموع .
اليوم وبعد إندلاع شرارة الكفاح الوطني ،لم يعد تاسع يونيو وحيداً بعد أن غدت شهور وايام وليالي الصحراويين كلها أعياد للشهادة والشهداء.
فمنذ فجر تاسع عشر مارس اليوم الذي اوقد فيه الشهيد البشير لحلاوي، كأول شهيد للثورة شمعته ، أنبلج فجر الشهداء والشهيدات ، قائمتهم تطول،تطول،تطول وتكبر ،ولم تعد هذه التواريخ خاصة باحداث في حد ذاتها، بل تتعداها لتصبح رمزاً لدلالة كبيرة تجاوزت الزمان والمكان في تاريخ الشعب الصحراوي، لتجعل من الشهادة عند الصحراويين مشروعا تحرريا وطريقا لأجيال هذا الشعب الشامخ تسير عليه كي تحافظ على كرامتها وعزتها وتضمن وجودها وترسم وتثبت مقومات كيانه المستقل، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية .
وما بين شهداء الأمس واليوم من الذين دخلوا سجل الخالدين ،وشائج اتصال لا تنقطع عراها ولا تنفصل عروتها الوثقى ولا يتغير جوهرها ومحتواها ،ولا ينحرف سبيلها المؤدي حتما للحرية والإستقلال.
إن شعلة الحرية التي أضاءها الشهيد الولي ورفاقه ، في إطار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ستبقى مرفوعة مُشتعلة، مهما تمادى الاحتلال في صلافته وجبروته وتعنته ،وسنبقى نستمد من مسيرتهم وتضحياتهم ما يملؤنا عزماً ووحدة وتصميماً على المُضي قُدماً نحو تحقيق أهدافنا الوطنية واتمام مسيرة الاستقلال الكامل .