حرب الجيل الرابع (الحرب النفسية و تاثيراتها السلبية على المجتمعات )(الجزء الثالث )
بقلم: المامي حمادي اعبيد
التخريب العقائدي : كجزء من الاستراتيجية المعادية .
في هذا المقال، سنحاول توضيح الاساليب و الطرق التي تتبعها الجهات المعادية من اجل أحداث التاثير او تدمير حكومات و انظمة بلدان اخرى من اجل غلب نظام الحكم بها و السيطرة على مواردها الاقتصادية وخيراتها الباطنية والتحكم في مسار شعوبها وهذا كله عبر الحرب الناعمة وبمشاركة وتنفيذ المواطنين الاصليين للبلد المستهدف .
و بالرغم من ان هذا الاسلوب القديم الجديد قد اعطى ثماره في عدد من البلدان وبالخصوص في العالم الثالث (افريقيا ، اسيا و امريكا اللاتينية ) الا ان بعض الدول و الحكومات وقفت له بالمرصاد و افشلت جميع محاولات الاستهداف الممنهج من طرف اعدائها و ذلك بفضل يقظة ووعي شعوبها بما يحاك لها في الخفاء و لمعرفتها المسبقة باطوار المؤامرة و نتائجها السلبية على مجتمعاتها و الامثلة عديدة وبالخصوص في زمننا هذا.
حين نتطرق الى موضوع التخريب فاننا نفتح بابا واسعا وعميقا من حيث المفهوم وكذلك الأساليب و الطرق المنتهجة، فالتخريب العقائدي يشمل الدين، المعتقدات ، الثقافة ، التعليم الاقتصاد ،الاخلاق ، الجانب العسكري والامني السياسي .
واليوم سنركز على الجانب الثقافي والسياسي والايديولوجي كجزء استراتيجي من حرب الجيل الرابع او الحرب الناعمة.
التخريب السياسي -الايديولوجى:
التخريب السياسي -الايديولوجي هو احدى الادوات الرئيسية التي تستخدمها حكومة بلد ما في حربها ضد بلد اخر، بقصد تدميره او إحداث تغيير فيه يخدم مصالحها .
وحين نتحدث عن التخريب فاننا نتحدث عن عمل يهدف الى تشجيع التوقف عن سير الحياة بشكل طبيعي، أوانحرافه عن أغراضه و أهدافه المسطرة لخلق الفوضى والاضطراب وعدم الانضباط.
وعندما تنفذ الجهة المعادية اجراءات ضد بلد ما فإنها تهدف الى نشر التخريب في المجال السياسي والايديولوجيي ، بقصد إشاعة الانقسام في الشعب وخلق المشاكل في نسيجه الاجتماعى وبالتالي فإنهم يتطلعون الى أن يكونوا قادرين على خلق مناخ يؤثر على الحياة الطبيعية اليومية للأمة وهو المناخ الذي يقدم المصالح الخاصة والفردية فوق المصالح العامة للمجتمع.
يتصف الموالون -المسيرون من طرف الجهة المعادية للبلد- بابتعادهم عن النشاط الابداعي الفعال، حيث يشجعون من خلال مواقفهم و مظاهراتهم على الفوضى مستغلين الفرص المتاحة لهم للقيام بذلك وهم يهدفون بذلك الى افشال قدر الامكان التقدم في الحياة اليومية للمواطنين من اجل خلق البلبلة وعدم الالتزام بتطبق القانون وبالقيام بالاحتجاجات الممنهجة والدائمة بمبرر أو بدونه وهم يسعون بافعالهم إلى تدمير الملكية العامة والانحراف المفرط وانتهاك عادات المجتمع لإدخال عادات وتقاليد مجتمعات أخرى وطمس الهوية وتعزيز الإنحراف، انه تعزيز للبيروقراطية ومحاربة الثقافة الانتاجية والاحتيال والسرقة والفساد وعدم احترام قواعد التعايش والفضائح الاخلاقية و تفشي المخدرات و إدمان الكحول .
يحاول مروجو التخريب السياسي-الايديولوجي ان يسحبوا وراءهم بشكل رئيسي الشباب الذين لديهم خلفية سياسية متواضعة أو لديهم مشاكل اجتماعية او اقتصادية وهم الذين يمكن استغلالهم و تحويلهم الى اعداء لمجتمعهم.
وباختصار فإنه عمل يهدف الى تقسيم الشعب ، خلق الطبقية ،بتشجيع الملكية الفردية و الكسب السريع على حساب المصالح العامة للشعب والوطن .
وبما انه عمل مدروس من طرف علماء سوسيولوجيين ونفسانيين بالتعاون مع خبراء من مراكز الدراسات الاستراتيجية للبلدان وباشراف عام من المخابرات ، فانه يمر عبر مراحل التطبيق والتجسيد على ارض الواقع ، وهنا سنحاول شرح طبيعة هذا العمل قدر المستطاع لوضع القارئ في الصورة ، ففما يتجلى النشاط السياسي الايديولوجيى المعادي؟.
انه يتجلى في جملة من الاعمال السرية أو العلنية لأجهزة المخابرات المعادية بهدف فرض الاسس الايديولوجية لفئة ما باستخدام الية تحريف للواقع الذي تتطور فيه الحياة اليومية للمجتمع .
البداية :
– تشكيل جماعة معارضة (معتدلة) في المنفى ، شعارها استعادة النظام الذي تمت خيانته او تحريف مساره.
– إنشاء محطة بث فضائي أو اذاعة عبر الموجة المتوسطة ، لنشر التضليل و الكذب من اجل زرع البلبلة والفتن و تقسيم الرأي العام والتأثير عليه واضعاف اللحمة الوطنية للشعب.
– إنشاء منظمة للاستخبارات و العمل السري داخل البلد المستهدف، تستجيب لأوامر وتعليمات المعارضة في المنفى والمخابرات المعادية .
الدعاية المعادية ( الخطوط العريضة )
لا يخلو العمل التخريبي من جانبه الدعائي من اجل إعطاء نتائج ايجابية وسريعة يعتمد هذا الأسلوب على عدة محاور أساسية نذكر منها :
– حقوق الإنسان (حماية و رعاية ومرافعة).
– تضعيف العمل السياسي الإيديولوجي.( زرع الشك و المغالطات في الاهداف ).
– الصعوبات الاقتصادية ( فرض حصار اقتصادي وتجاري ومالي ) .
– العزلة الدولية .(اقليمية ، قارية و دولية ).
جوهر تكتيك الحرب النفسية
– المتابعة الدائمة للتغيرات في الساحة الداخلية للبلد المستهدف.
– أخطاء سياسية (قرارات ، مواقف و سلوك).
– تراكم التناقضات على جميع المستويات (السياسية ، الاجتماعية ، الاقتصادية و العسكرية).
-الاداء بطرق متعددة (الزمان والمكان المناسب ).
– تكييف طرق و اساليب و اجراءات التعامل مع كل مجتمع أو فئة محددة.
التخريب الثقافي :
هو شكل من مظاهر العنف السياسي الذي تثيره القوة الثقافية الغربية بهدف السيطرة على عقول و قلوب الافراد والجماعات والأمم و يهدف الى تغيير و افساد تجانس ثقافات لتفرض قيم ثقافية زائفة .
انها معركة الافكار داخل قطاعات الهوية الثقافية والتعليمية وتشمل تكتيكات التسلل و الاختراق للجامعات و صناعة الافلام والمسرحيات و الفنون الجميلة و الفنون البصرية.
حسب عقيدة البروفيسورالامريكي: جيني شارب (Teoría de Gene Sharp) وهو كذلك فيلسوف وسياسي وكاتب و مدافع شرس عن فكرة تغييرالحكم بالاساليب الناعمة فان مراحل انقلاب الحكم (الانقلاب الناعم ) في البلدان المعادية تمر بخمسة مراحل هي :
– انهاك النظام القائم .
– الطعن في شرعية النظام .
– احتقان الوضع الداخلي
– خلط الاوراق
– تفكيك المؤسسات .
جيمع هذه المراحل لا يمكن تنفيذها إلا بمساعدة وسائل الاعلام بمختلف تلويناتها واذرعتها والتي تلعب ادوار مهمة في جميع المراحل ومن ضمن الاساليب المتبعة استراتيجية التلاعب والتضليل وتزييف الحقائق نذكر منها على سبيل المثال لا للحصر :
1. استراتيجية لفت الانظار عن الواقع.
2. خلق المشاكل ثم تقديم الحلول.
3. استراتيجية رفع السقف .
4. ” ” الاختلاف .
5. الاستخفاف بالعقول .
6. التركيز على الجانب العاطفي بدل العقلاني .
7. استراتيجية التجهيل.
8. الرداءة في اختيار القيادات .
9. تعزيز العجز بدل البحث عن الحلول .
و في الاخير يمكننا القول بان التخريب السياسي – الايديولوجى هو عبارة عن نشاط معادي موجه للعمل قصد التاثيرعلى الرأي العام للافراد والجماعات أو قطاعات معينة من المجتمع تعمل على تبني سلوكيات غريبة أو القيام بأعمال تسير في الاتجاه المعاكس للنظام القائم وخلق روح المعارضة والتمرد كقاعدة ضرورية تهدف إلى اختراق المجتمع من الداخل و الاستيلاء على السلطة السياسية لتغيير النظام السياسي والإجتماعي والاقتصادى القائم وتبديله بآخر يخدم مصالح و توجهات بلدان وانظمة معادية.
يتبع …….
المامي حمادي اعبيدي.