أعذرونا نحن مجرد رعايا، لسنا مواطنين!
م. ف
أعذرونا أيها الأشقاء في المغرب العربي، نحن لم نصل بعد الى مستواكم أي الى درجة مواطنين في بلدنا “المَرُّوك”. نحن فقط رعايا أي خُدّام مُطعين لولي أمرنا، نُسبح باسمه بُكرة و أصيلا.
نعم، لا تتعجبوا، منذ أن خلقنا الله في هذه الأرض و نحن نخدم الملوك، الأمراء و الأميرات و نعتني بخيلهم وبغالهم و قططهم و كلابهم و أشيائهم الأخرى، نركع لهم نُقبل أيديهم ونسجد عند أرجلهم ابتغاء رضاهم و طاعتهم، ندعوا لهم من على المنابر بأن يسدد خطاهم في حكمنا و التسلط على رقابنا.
لاتتعجبوا يا شعوب المغرب العربي، نحن مجرد رعايا أي عبيد، إننا نحسدكم لأنكم مواطنيين في بلدانكم و نحن لم نرق بعد الى درجة المواطنة، لنكون مثلكم توجه لنا الطائرات الخاصة لإجلائنا من مطارات الدول التي أصبحناعالقينا بها منذ بدء جائحة كورونا. إننا في أسوء حال يتصورها إنسان: أطفال، نساء ،شيوخ ومن مختلف الأعمار،أصبحوا بقدرة قادرلا إعتبار و لاقيمة لهم، مشردين في المطارات و المواني و محطات النقل الدولية تحاصرهم الشرطة الأجنبية بمختلف تشكيلاتها و تراقبهم كالمجرميين.
إن كنا حصلنا على درجة مواطن ولو من الدرجة الثانية أو العاشرة لكنا مثل أشقائنا الموريتانيين أو التونسيين أو الجزائريين الذين عادوا الى بلدانهم بفضل جهد حكوماتهم التي مازالت حتى اليوم تبعث على تكلفتها الخاصة، بطائراتها الى مختلف بقاع العالم لإجلاء مواطنيها و إرجاعهم الى أرض الوطن مُكرمين مُعززين.
نحن الرعايا تبقى دولتنا “المروك” هي الوحيدة في العالم و هي الإستثناء أيضا التي إتخذت قرار عدم الترخيص لرعاياها بالعودة، في وقت تسمح بالترخيص الإستثنائي للطائرات الغربية بإجلاء مواطنيها الذين كانوا سياحا في المغرب، و لم يشمل القرار فقط المغاربة المتواجدين في الخارج بل حتى أولائك الذين سمحت لهم السلطات الإسبانية في سبتة و امليلية بالتمركز على بعد 500 متر من حرس الحدود المغربية و الذين عددهم يفوق 650 شخصا كانوا يدخلون المدينتين المذكورتين بحثا عن المعاش عند اسبنيول. عشرات الطلبة في اكرانيا مهددين بالطرد من الأحياء الجامعية الى الشارع، يستغيثون و لا من مستجيب، المئات تطردهم الشرطة خارج قاعات الإنتظار بمطارات تركيا ، الإمارات ،ايطاليا، فرنسا ، بلجيكا وهولندا وغيرها و عشرات الجثث مكدسة في ثلاجات المستشفيات الإسبانية لاهي وجدت من يسدد مصاريف الدفن في المقابر الإسلامية بإسبانيا و لا هي سُمح لذويها بنقلها الى مَوْطِنها المروك و جثث أخرى لمغاربة آخرين حاول ذويها نقلها عبرمطار اسطمبول وصطدمت برفض السلطات المغربية مما خلق لهم و للأتراك عدة مشاكل.
إذاً ما الفائدة في الإنتماء الى وطنٍ لم يُضح مرة واحدة من أجل أبنائه الذين خدموه و ضحوا من أجله عبر القرون!
أين إختبأت وزارة الخارجية و المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، فلم نسمع عنها شيئا ؟ اين دفن السي ناصر بوريطة رأسه بعدما صدَّع رؤوسنا بجولاته السندبادية وإنتصاراته” ادون كيشوطية” ؟ بل اين ملك الرعية و مالكُها، الذي لم نراه بجوار رعيِّته في هذه المحنة، كقادة دول الجوار حتى لا نذهب بعيدا، فالرئيس تونسي السيد قيس سعيد نشاهده ينقل على كتفه بكل تواضع مواد الدعم للأُسَرِ المحتاجة والسيد عبد المجيد تبون الرئيس الجزائري يشرف بنفسه على الهيئة الوطنية لمواجهة الوباء و يجند الأسطول الجوي الجزائري المدني و العسكري لإجلاء مواطنيه وإعادتهم الى بلدهم السيد محمد ولد الغزواني رئيس موريتانيا، يتخذ قرارا بدعم ماديا كل من ليس له دخل من مواطنيه و يلغي عنهم فواتير الماء و الكهرباء لمدة شهرين.
وجبهة البوليساريو، الحمد لله الى حد الساعة لم تُسجل فيها أية حالة مصابة بفيروس كورونا، رئيسها السيد ابراهيم غالي يتابع ميدانيا حالة الصحراويين في المخيمات و المناطق المحررة و يجند كافة الإمكانيات المتاحة لحماية المواطنين من هذه الجائحة.
فقط وحده ” المروك” يصم آذانه و يغض بصره عن مأساة رعاياه في الخارج و عند بوابة سبتة وامليلية.
معذرة مرة أخرى أشقائنا في المغرب العربي إن كنا متخلفين عنكم كثيرا كثيرا و لسنا أهلا بأن نكون مثلكم، أنتم مواطنون في وطنكم و نحن لازلنا رعايا، عبيدا، في حريم السلطان، لا نستحق أن ننضم الى مشروع مغرب الشعوب، حتى نتمكن من أن نتحرر من قيود المخزن و نكسر اغلال البلاط عندها سنصبح مثلكم مواطنين حقيقيين في بلدنا ولاشك ستقبلوا بنا بدون تردد لنكون جزءا من بناء المغرب العربي حُلم اجدادنا و أمل أبنائنا.