مناعـة الإتحاد الأوروبي، “قد” تنهار بـعد الكورونا؛
بقلم: الشيخ لكبير سيد البشير
أسابيع عددا انتظرتها أوروبا لتستفيق من غيبوبة “سلامة الحدود” من الوباء الكاسح، ربما أقنعهم بذلك أن جل الأوبية مثل “الإيبولا” و “زيكا” ولدا في بلدان فقيرة و ماتا فيها، و لم يعبروا جغرافيا الدول القويـة المتمكنة. كل هذه الاحتمالات اسقطتها الكورونا، التي أظهرت على أنها استفادت كثيرا من العولمة و لم تعطي لدول أحقية رسم الحدود بل جعلت العالم حقا قريـة صغيرة.
?أوروبا أمام إمتحان: هل هناك إتحاد حقا؟
منذ أن إكتسحت كورونا الجسم الأوربي بدأت مناعة الإتحاد تنهار شيئا فشئا، تمام كمناعة شعوبه و حكوماته، فحذرت إيطاليا “اليتيمة” على للسان جوزيبي كونتي الكيان “إذا لم تثبت أوروبا أنها قدر التحدي فإنها تهدد سبب وجود الإتحاد”، رئيس الوزراء الإسباني ذهب على خطى نظيره الإيطالي “الأوروبيون اليوم يحتاجون أوروبا، لا حاجة لنا في الوعود نريد الأفعال”
تماما كما يختبر الـ COVID-19 مناعة الإنسان، فإنه يفعل الأمر نفسه مع الكيانات المتحدة “أوروبا نموذجا”، التي إنسلخت من عقيدة الإتحاد في ظرف تباينت فيه أضرار الدول الأعضاء، و باتت الإجراءات المتخذة من قبل البلدان فوق سلطة أوروبا الكيان، و لم تعد بروكسل إلا مستقر لأورراق ماضي، مستقبل عقيدته مهدد بالإندثار.
?قبل الـ COVID-19 هناك مواقف، أظهرت ضعف القرار الأوروبي المشترك.
تظهروا “عادة” وجوه زعماء القارة العجوز مستبشرة و متفائلة، إذا خُتم لقاء لهم يخص الصراعات العربية أو الحروب الإفريقية، وضع يختلف تماما عن حالهم في زمن الكورونا و حتى قبلها إذا تعلق الأمر بشؤون أوروبا الداخلية و إدارة أزمات القارة و مشاكلها.
سقوط أوروبا “الإتحاد” ليس وليـد جائحة الكورونا، بل سبقت الكورونا تشققات هددت وجود كيان موحد للأوروبيين
▪️أزمة الرهن العقاري العالمية: إجتاحت الازمة المالية الديار الأوربية سنة 2008 و انهارت بلدان كاليونان و البرتغال و إسبانيا، و مس الضر جل الدول الأوروبية و ظل الإتحاد متربعا على كرسي المشاهد دون أن يحرك ساكنا.
▪️أوروبا عاجزة أمام الروس في شبه جزيرة القرم: أظهر الخلاف الروسي الأوكراني تشرذما اورربيا غير مسبوق بعد أن سيطرة موسكو على شبه الجزيرة الأوكرانية دون أن يظهر الإتحاد الأوروبي أي تجاوب سياسيا ولا عسكريا مع أوكرانيا الدول العضو.
▪️فشل الإتحاد في إقرار سياسة موحدة للهجرة: بين مرحب و رافض إحتضنت بروكسل جلسات و أخرى من أجل توحيد جهود أوروبا لإحتواء الهجرة المتدفقة، و لم تفلح جهود الإتحاد في استجماع القوى و تساقطت مشاريع الخطط و اندثرت توجهات أوروبا موحدة مرة أخرى.
? هل تنهي الكورونا عمر أوروبا “المتحدة”
في وقت تتخلى فيه دول عن أخرى في الإتحاد الأوروبي بسبب الكورونا، تقترب الصين من “أيتام القارة” كايطاليا و إسبانيا، و تنصب نفسها “حاضنة” المخذولين إذا فارقهم أحبة الأمس، تغلغل تراه أوروبا الشعبية على أنه تضامن دولي في حين أن أوروبا الرسمية تدرك حقا أنها تتعرض لضربات قد تضع حداً لـ الإتحاد برمته، فمثلا لا حصرا فرنسا وألمانيا تمنع تصدير الكمامات الطبية، وتضع قيود صارمة على بيعها خارج حدودهما الجغرافية، و على خطاهما فرضت رومانيا حظر شديد على تصدير المعدات الطبية وأدوات الوقاية و أعلنت المجر أنه تم تعطيل استيراد 120 الف كمامة و احتجزت في ميناء هامبورغ
قد يفشلوا القادة الأوروبيون، في انتشال الإتحاد من أزمة ثانية بعد الأولى المالية التي بالكاد تعافت منها القارة، و بفشلهم هذا الذي بدت معالمه تطفو على السطح من انفراد و تخلي و أنانية بين الدول الأعضاء، فإن أوروبا الحالية، تبسط الفراش لليمين المتطرف الذي يرفض سياسات الإتحاد الأوروبي و دائما ما يفتح النار على توجهاته، يمين متطرف يعد الشعوب الأوربية بالتحرر من سلبيات الغير و صب جل اهتمامه سياساته على توفير خيرات القارة، للأوروبيين وفقط الأوروبيين.
أوروبا اليوم مصابة بمتلازمة ضعف القرار المشترك و الموحد، و قد تكون المتلازمة زمن الكورونا آخر تجربة يصمد في وجهها الإتحاد حقا، لأنه ببساطة بعد القضاء على الـ COVID-19، ستعلن دول نصرها و أخرى فشلها،و بين الأول و الثاني ستكشفوا شعوب و أمم أنها خذلت و تم خيانتها، من هنا بدأ العـد التنازلي لنهاية الإتحاد الأوروبي.
✍️الشيخ لكبير سيدالبشير|