حديث على هامش وباء كورونا…
بقلم : حمدي حمودي
أولوية العالم اليوم هو حصر وتضييق بؤر الإصابة بفيروس كورونا او COVID-19، المنجل الذي يحصد من الأرواح ما يحصد وأكثر ضحاياه من ذوي المناعة الضعيفة فلم تنفع في المجتمع الأوروبي العجوز العناية الفائقة والإجراءات الطبية الخاصة الى حد كتابة هذه السطور فإنه ينتشر كما تنتشر السحب في السماء لتحجب وجه الشمس والنور عن الكثير من الناس الذين يفارقون دون عودة.
وجه اسبانيا مرعوبا اصفرا، وسماؤها مغيمة حزينة، لا حديث الا عن أرقام الموتى ويا لك من ارقام بالرغم انه يشفي 1000 وتموت 500 ولكن لا حديث الى عن الراحلين.
سيارات نقل صناديق الموتى الطويلة السوداء المزخرفة هي الأكثر ربحا، ومحلات بيع زهور الفرح والحب، فاقتها ارباح زهور الموت وباقاته التي تباع ب50 يورو، موتى بلا وداع ولا مرافقة الا من الأطباء وطواقم الخدمات الطبية وكأنما أصابتهم اللعنة.
عندما أقيمت جنازة في بيتوريا عاصمة بلاد الباسك من الذين لا يؤمنون ولا يعترفون بكورونا أصيبوا جميعا 60 شخصا مباشرة بين الحجر والمستشفيات وصالات العناية الفائقة، والذين اصابوا بدورهم عائلاتهم واحباءهم وجيرانهم واصدقاءهم ومعارفهم.
كبار السن خاصة تلك الطبقة التي شقت وتعبت من اجل ان تكسب من الضمان الاجتماعي عمرا طويلا وأحيانا مطولا، بالترميم المستمر لأجسادهم، طالت أعمارهم، الى الدرجة التي سنت فيها قوانين تسمح بحقنة الرحمة حين يعجز العمر عن قتل شخص تخطى المئة وصار يعيش بالروح فقط بأنابيب الاكسجين وأمصال الدم وتنتشر حوله أجهزة قياس القلب ويتحول الى مقبرة تتنفس.
الآباء الكبار والجدات الذين ظلوا هم من يحتضن الأطفال حين يذهب الآباء الى أعمالهم أبعد عنهم في آخر العمر أطفالهم حبهم وبذرتهم بحكم ان الصغير قد يكون حاملا للفيروس دون ان تظهر عليه الاعراض في حين يكون هو القاتل الخفي لجده وجدته.
التدابير المتخذة من اسبانيا رغم احتمال نجاحها مؤقتا، الا ان الاجراءات التي كان سيقوم بها رئيس الحكومة البريطاني والتي اعتمد فيها على فريق تفكير خاص بالأزمة مكون من خبراء في مختلف المجالات.
والتي وقفت في وجهها الطبقة المسنة التي ستتأثر هي الأولى ولم تكن لديها الشجاعة الكافية من أجل الأجيال القادمة.
نصيحة الخبراء البريطانيين كانت تعتمد على ترك الفيروس ينتشر وتلقائيا ستتكون مناعة لدى الكثير من الناس، وسيلقى البعض حتفه ان لم تنفعه الادوية المتوفرة.
لقد اعتمد الخبراء في تقريرهم الذي قدموه للوزير البريطاني ان خلو المجال من الفيروس مؤقتا بدون ان تتكون مناعة لدى الناس، لا يمنع رجوع الفيروس مرة أخرى أكثر حيلة وأكثر فتكا وأوسع انتشارا وقد قرؤوا ذلك في تاريخ الفيروسات والاوبئة التي ضربت الانسان عبر التاريخ.
كان تساؤلهم هل سيظل بلدنا تحت رحمة حياة الطوارئ القصوى ورزم جديدة من المكوث في البيوت وتوقيف عجلة الحياة؟
ولكن تحت رحمة الهجوم الشرس من الطبقة البريطانية المسنة التي تمتلك المؤسسات والمصارف والارصدة الضخمة في البنوك وبالتالي الاعلام، ربما تراجع عن تلك الإجراءات التي قدمها الحكماء ورضخ، وبرر الى انتظار توصل العلماء بمخابرهم المتقدمة الى دواء وتطعيم ضد المرض الفتاك.
أما المهاجر المسلم فالإجراءات والتدابير هي جزء كبير من الدلائل على قدرة الله فغسل اليدين عدة مرات في اليوم والعناية بالنظافة الشخصية وعدم السلام باليد والوجه وحتى اللثام وتغطية الجسد والرأس وغيرها تتطابق مع اختلاف العادات مع وحيه وروحه، وتسليم الامر لله جعل الانسان المسلم المؤمن هو اكثر اطمئنانا لان الحياة بالنسبة له هي القادمة وليست للإجراءات علاقة بقضاء الله وقدره ولن تمنع ابدا قدرة الله بل حفاظ على الجسد الذي هو امانة لدينا ليس الا الى تسلم الروح الى ربها الكريم الرحيم في يومها ومكانها وبسببها.
ذكر الموت ليس امرا يخيف المسلم
وقال تعالى في كتابه الكريم : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ آل عمران:185
بل اوصى به الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: أكثروا ذكر هادم اللَّذات: الموت.
رواه الترمذي، والنَّسائي، وصحَّحه ابن حبَّان.
وكان النبي ﷺ يقول: اللهم بعلمك الغيب، وقُدرتك على الخلق، أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي.
خرَّجه النَّسائي رحمه الله بإسنادٍ صحيحٍ عن عمَّار بن ياسرٍ
بقلم حمدي حمودي