عارفْ “عَنَّك اخْيَالْ يَغَيْر ماني دايْرَكْ فكَفايا”
بقلم محمد فاضل محمد سالم
من ثقافتنا الشعبية فيما يخص الحزم واليقظة والإستعداد لأي طاريء يمكن أن يفاجيء المرء، حكاية الغنم والذئب المعروفة التي عندما همَّ الأخير بالإنقضاض على الأولى في غفلة من صاحبها تفاجأ بمُجَسم أمامه على شكل إنسان فارتبك في البداية،فتفحص الأمر وعندما قطع الشك باليقين من أنه مجرد ” أَخْيَالْ” و لاخوف منه و من باب حسن التدبير و قوة الإدراك و الحيطة و الحذر الشديدين تجنب المُجسم و لم يتركه خلفه خوفا من المفاجئة وفعل فعلته في الغنم.
و عليه فمن الواجب علينا كصحراويين الإستنفار التام وأخذ الحيطة و الحذرحتى لايشمت بنا الأعداء و يأخذوننا على حين غرة. فقد بدأ واضحا النيتة المبيتة لضرب الشعب الصحراوي في العمق باستهداف روح صموده ووعاء مكاسبه: مخيمات العزة و الكرامة و بالتالي ضرب مصداقية الجبهة الشعبية بل تمريغ أنفها في التراب.
إن الأحداث المتسارعة منذ مطلع هذه السنة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن خطة تصفية جبهة البوليساريو و دفن كفاح الشعب الصحراوي تحت الرمال قبل نهاية 2020 أصبحت في مراحلها المتقدمة، و ربما في مرحلة التنفيد.
فالحملة الإعلامية المغرضة و الحرب النفسية القذرة و الأخبار الزائفة التي تروجها هذه الأيام وسائل الإعلام الإسبانية والفرنسية خاصة و التي هي “أبعد ما تكون عن العفوية و البراءة” كما صرح بذلك الناطق الرسمي باسم و زارة الخارجية الجزائرية لا شك انها تخفي شيئا خطيرا ربما تخطط له أجهزة المخابرات الفرنسية، الإسبانية والمغربية يستهدف الشعبين الصحراوي و الجزائري على حد السواء بغية خلق حالة من البلبلة و الفوضى أمام الإستحقاقين القادمين: الإنتخابات الرئاسية في الجزائر و إنعقاد المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر و هما الإستحقاقان اللذان لن ترضى عنهما القوى المعادية وفي مقدمتها فرنسا التي تؤكد بعض التقارير شبه الرسمية أن مروحيتييها اللتان تحطمتا الأسبوع الماضي و قتل فيهما ثلاثة عشر عسكريا بين ضابط و ضابط صف كان إسقاطهما بفعل ضربة صاروخية وليس أنهما إصطدمتا كما زعمت الحكومة الفرنسية، إضافة الى ما تعرفه السياسة الفرنسية بصفة واضحة من فشل في السيطر على الوضع في الساحل و عدم تلقيها دعما لسياستها الخاطئة تلك من طرف المجتمع الدولي.
إن إنتقال وزارة الخارجية الإسبانية من التحذير للأجانب من السفر الى المخيمات الصحراوية الذي تكلف به “السنيور بوريل” بإسناد من وزيرة دفاعه الى الدعوة يوم أمس الأثنين لكافة الرعايا الإسبان الى ترك المخيمات و العودة فورا الى اسبانيا و ماصاحب ذلك من تهويل و تضخيم بل الوقاحة حيث يُنسب لدولة ذات سيادة شيء لم تقم به، إذ زُعم أن الجزائر أبلغت بعثة المينورسو بتحذير معين يخص خطر تعرض الأجانب للإختطاف، مما حذى بوزارة الخارجية الجزائرية الى نفي هذه المغالطة، متسائلة في نفس الوقت عن ” السر وراء اختيار التوقيت و من يحرك هذه الحملة الدنيئة” ، إن هذا الإنتقال و هذه السرعة في تسخين الأوضاع ينم عن مغامرة ربما من نوع لم نشهده من قبل تستهدف مخيمات العزة و الكرامة و هي تستقبل المئات من المتضامنين الأجانب أو تستهدف جلسات المؤتمر نفسه. إن الخطر يمكن لن يأتي من المحيط لأن الأجهزة الأمنية لكل من الدولة الصحراوية و الجزائر و موريتانيا قد حققت تقدما معتبرا في السيطرة على مجالها الأمني و أصبح من الصعب اختراقه لكن الخطر يبقى في الداخل و في عناصر المخابرات الأجنبية و عملائها و خلاياها النائمة التي يمكن أن تُقدم على أي عمل شنيع وسط المخيمات و من هنا تقع المسؤلية على الجميع خاصة المواطن و العائلات التي لديها ضيوف أجانب و أن نكن جميعا أعين أمنية لمساعدة قوى الأمن حتى نودع أصدقائنا الذين تحدوا مزاعم حكومتهم و أبوا الا ان يَقدموا علينا رغم الهالة الدعائية الممنهجة لصدهم عن ذلك، فبالتالي نكون قد سَفهنا و عَرينا موقف الحكومة الإسبانية وخيبنا أمل فرنسا و المغرب الذين ينتظران ساعة الرقص على جثثنا.
ربما يكون كل هذه الزوبة مجرد تخويف و ربما يكون المراد منها أن تكون عملية لإستنزاف طاقتنا و شغلنا بموضوع التأمين عن التجضير الجيد للمؤتمر و لمخرجاته، و نفس الشيء ينطبق على الحليف و هو يستعد للخروج من أزمته بإجراء انتخاباته الرئاسية، لكن من باب الحزم على كل وطني وكل مناضل و على الجبهة الشعبية بصفة عامة الإستنفارالتام،اليقظة و الحذرو نستفيد من ماترويه لنا ثقافتنا الشعبية المتجدرة في التاريخ “عارفْ عَنَّك اخْيَالْ يَغَيْر ماني دايْرَكْ فكَفايا”.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم