متى تكون لنا حكومة إلكترونية ؟
محمد فاضل محمد سالم
نعم لا تستغربوا، نقترح تشكيل حكومة إلكترونية تكون مكونة بالأساس من إئتلاف الأحزاب الثلاثة الكبرى ذات الإنتشار الواسع على أن يلتحق بها بعد ذلك كل من يرغب. أحزاب الأغلبية التي يمكن أن تتشكل منها حكومتنا، هي بالترتيب حسب الأهمية : حزب “الفيسبوك”، حزب “الواتساب” و حزب “اليوتوب” وهي جميعها أحزاب نشطة، فعالة، ديمقراطية ،لا لون لها ولا طعم،لاتقصي أحدا و سريعة التفاعل مع الأحداث بل في الكثير من الأحيان هي التي تخلق الأحداث و توجهها حسب ماتريد. الحكومة الإلكترونية لهاإمكانات وقدرات هائلة في التأثير في الآخرين وتغيير المفاهيم و صناعة الرأي العام و بإمكانها أن ترفع دولا و تهدم أخرى،
إن هذه الحكومة الصحراوية التي مجالها يتجاوز الساحة الوطنية الى ساحات أبعد، أصبحت ضرورية بالنسبة لنا، خاصة عندما نستشعر عجز إعلامنا الوطني العمومي منه و الخاص عن تحصين أولا الرأي الوطني أمام الحملات الدعائية المشينة التي تستهدفه و إبطال مفعولها و ثانيا عن فتح ثغرات داخل رأي العدو بتعبئته و تشجيعه على العصيان والخروج الى الشارع ضد الإستبداد و الفقر و الظلم و ثالثا عن ايصال القضية الصحراوية الى الرأي الدولي و لفت انتباهه الى مايجري في الصحراء الغربية من تطورات. إننا متخلفون عن بقية دول العالم خاصة الغربية منها التي سبق وأن تفطنت لإهمية ادارة الصراعات الدولية و حتى المحلية باستغلال ماتسميه الإعلام الرقمي أومنصات التواصل الإجتماعي أو الثورة المعلوماتية ، لقد شكلت هذه الدول لهذا الغرض هيئات و مؤسسات بل حكومات بكل مواصفاتها و امتداداتها قادرة على جمع المعلومات و البيانات و تصنيفها و تخزينها ثم استغلالها و بثها بأكبر كميات ممكنة لأكبر عدد ممكن من الأفراد و في أقصر مدة زمنية مهما كانت المسافة ،إن دولة الإحتلال نفسها شكلت سنة 2017 جيشا إلكترونيا قوامه 5000 شاب و شابة هدفه (المرافعة عن القضية الوطنية) حسب تصريح الناطق الرسمي للحكومة آنذاك مصطفى الخلفي.
هذا الجيش الذي بدأت قذائف منصاته الإلكترونية و سلاحه الرقمي تصل الى أهدافها بتوسيع رقعةإختراقاته المعادية سواء على مستوى مخيمات العزة و الكرامة و المناطق المحررة أو على مستوى المناطق المحتلة و الجاليات، وسواء كانت تلك الإختراقات مادية ملموسة كالإعتداء على المؤسسات الوطنية و من يمثلها و حمل السلاح و استعمل و الإتجار في المخذرات، أو معنوية و نفسية كزرع اليأس و الإحباط و القنوط ببث الإشاعات و التحريض على التمرد. إن الجسم الصحراوي اليوم مثخن بالجراح و لولا المناعة التي يتحصن بها من قوة القناعة و صلابة المبدأ و رسوخ الإيمان و الثقة المطلقة بحتمية النصر و عبور الشعب الصحراوي الى الإستقلال مهما كلفه ذلك من ثمن، لكان قد تحلل و لم يبق له أثر، لأننا مستهدفين في وحدتنا كشعب ملتف حول مبادئ و برنامج الجبهة الشعبية التي تحملت لوحدها مسؤولية تاريخية بإعلانها للدولة الصحراوية و الكفاح من أجل فرض سيادة هذه الدولة كاملة غير منقوصة.
لقد استخدم العدو سلاحه الرقمي بكل شراسة و جنون لهدم كل ما بنيناه بالعرق و الدم طيلة الأربعة و الإربعين سنة الماضية، الا و هو “الإنسان الصحراوي” الواعي، الملتزم والقادر على انجاح المشروع الوطني.
ففي البداية قام جيش الأحتلال الإلكتروني بقصف عشوائي بغرد تحديد الأهداف و معرفة أماكن ضعفنا، فبدأت نيرانه في مراحلها الأولى تستهدف المناضلين البسطاء دون فرز، بعدها سعى الى عزل و قنص بعض الأطر و الطلائع المحلية خاصة رواد الإنتفاضة في محاولة للإستفراد بهم وإبعادهم عن قواعدهم بتعريضهم لحملة تشويه مدروسة في الزمان و المكان، ليقفز بعد ذلك في عملية شرسة ، سريعة الإنتشار و كثيفة النيران استهدفت القيادات الوطنية و جيش التحرير الشعبي ولم يسلم منها حتى الشهداء ،ليصل الى آخر فصل من خطته الهجومية هوالتشكيك في المشروع الوطني برمته و الترويج لإستحالة تحقيق الإستقلال و عين الأعصار اليوم هو المؤتمر الخامس عشر بغية نسفه من أساسه و إن لم يتحقق له ذلك يستعد للتبخيس بنتائجه و استصغارها في عين المواطن الصحراوي.
إذا من البديهيات ان تصبح تشكيل حكومة إلكترونية صحراوية أمر ملح تشرف على الجوانب التنظيمية التقنية والمضمون أو محتوى الإنترنت من معلومات وبيانات و تتكلف بالدراسة الواعية لخصائص الخصم، والتخطيط الفكري للتعامل النفسي معه،حكومة إلكترونية أو خلية رقمية وظيفتها الرئيسة هي حشد المتطوعين من الإعلاميين و المدونيين و التقنيين في تكنولوجية المعلومات وتدريبهم للدفاع عن الثورة، ومواجهة الإعلام الرقمي المعادي سواء المغربي أو غيره، والتفاعل على الشبكة العنكبوتية ضد أي محاولة للنيل من صورة وسمعة الجبهة الشعبية و كفاح الشعب الصحراوي، إضافة الى نشر القضية الوطنية تاريخا، فلسفة و أهداف و ذلك بتزويد حشد المتطوعين هذا بالمعلومة الدقيقة وجعله على دراية بكل المستجدات. إن كل ذلك لا يكلف ميزانية و لا رأسمال يكفي هاتف نقال و كاميرا و حاسوب و أحيانا الهاتف وحده يقوم بكافة الأدوار.
فهل ندرك أهمية الحكومة الأكترونية و نتدارك تأخرنا في الإعلام الرقمي و استغلال منصات التواصل الإجتماعي و ما توفره لنا الشبكة العنكبوتية؟
فالفيسبوك و الواتساب و غيرهما مارسا دور التنظيم او الحزب البديل في الوقت الذي عجزنا فيه عن أداء دورنا الفعلي في الشارع السياسي و اقتصرنا على الدفاع السلبي.