تصريح غير موفق للوزير الموريتاني
السيد حمدي يحظيه
أول حديث رسمي موريتاني واضح وصريح لحكومة موريتان الجديدة في عهد ولد الغزواني حول موقف موريتان ” الجديد” من الصحراء الغربية، والذي جاء على لسان وزير خارجيتها اسماعيل ولد الشيخ، هو تصريح جاء في غير توقيته، واللغة والمفردات التي تم استعمالها فيه تثير بعض التساؤلات والشبهات، ويمكن التسطير تحت الكثير من فقرات التصريح وعباراته التي لا تتماشى مع معطيات وواقع الوضع الجديد في قضية الصحراء الغربية…. اولا، الوزير الموريتاني خصص أطول إجابة عن سؤال وُجه إليه حول موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية كأنما هي القضية التي تبني عليها موريتانيا سياستها الخارجية؛ ثانيا، يتزامن التصريح مع تخليد المغرب لذكرى المسيرة السوداء التي شارك فيها نظام ولد داداه بغزو جنوب الصحراء الغربية؛ ثالثا، العبارات والتعابير التي لجأ إليها الوزير الموريتاني تثير بعض الشكوك حول خلفيتها مثل قوله: “حل يرضي جميع الأطراف”، في حين الصحيح هو أن هناك طرفين فقط وليس عدة أطراف اللهم اذا كان الوزير الموريتاني يلمح إلى ان موريتانيا لازالت طرفا في الصراع؛ رابعا، قوله إن قضية الصحراء الغربية هي التي افشلت اتحاد المغرب العربي قول غير دقيق وقد يكون غير بريء لان الحقيقة هي ان منْ افشل إتحاد المغرب العربي هو المغرب الأقصى باصراره على احتلال الصحراء الغربية؛ خامسا، اما قوله ان موريتانيا تعمل بنشاط على حل قضية الصحراء الغربية فهذا غير دقيق ايصا بسبب الحقائق التي نعرف جميعا، أما قوله إن موريتانيا ستنتقل من الحياد الى عدم الانحياز فهذا كلام لم يفهم أحد معناه ما عدا الوزير المحترم.
بالتالي كما في القول الشهير ” ان الحياد في قضية عادلة هو انحياز للظلم” يجب على موريتانيا أن تبتعد عن هذه التصريحات التي لا تخدمها في شيء، والتي لا تعبر عن ما يقتنع به الشعب الموريتاني. قضية الصحراء الغربية أكبر من هذه التصريحات غير الواضحة التي تصدر من هنا وهناك من طرف بعض الأصوات الموريتانية التي تجانب الحقيقة، والتي لازالت تجتر العُقد التاريخية التي خلفتها الحرب في الماضي. تصريح ولد الشيخ اسماعيل يمكن تصنيفه في خانة التصريح الواعي والمتعمد الذي يصل الى درجة الاستفزاز، لانه لم يأت من شخص وصل الى وزارة الخارجية من الفراغ، فهو شخص متمرس ودبلوماسي محنك ومبعوث للأمم المتحدة وهنا يكمن الاستفهام. فلو صدر عن وزير جديد قادم لتوه الى الوزارة لكان يمكن تصنيفه في خانة التصريحات الارتجالية التي يخون فيها التعبير والتجربة صاحبها، اما أن يصدر عن شخص له باع وصاع مثل ولد الشيخ سماعيل فهنا يكمن الاستفهام. لا أحد من الصحراويين ينتقد الوزير ولد الشيخ اسماعيل على علاقته بالمغرب فذلك شأنه، فكلنا نعرف انه، رغم المدة القصيرة التي قضاها وزيرا للخارجية، هو أكثر وزير خارجية موريتاني ذهب الى المملكة المغربية، وأنه يستقل الطائرات المغربية الرسمية في سفره، لكن هذا ليس موضوعنا. موضوعنا هو ان لا يحصل على مكاسب مع المغرب بالمتاجرة بالتصريحات على ظهر قضية الصحراء الغربية والشعب الصحراوي.