باريس: الصحراويون يدوسون رأس الأفعى بقلم محمد فاضل محمد سالم
لقد تكررت على آذاننا الى وقت قريب فكرة أنه من سابع المستحيلات التحرك بفعالية داخل الساحة الفرنسية التي هي معادية أصلا بحكم التاريخ و ماأظهرته سلطاتها في الحاضر من معارضة علنية لحق تقرير مصير شعبنا،لكن مظاهرة يوم السبت الماضي التي كانت ناجحة بامتياز أكدت حقائق لابد من الوقوف عندها.
أولها: أن السنوات الأخيرة عرفت تكاملا في الأدوار و انسجاما في العمل كل حسب صلاحياته بما يسهل في ايصال القضية الصحراوية الى أكبر عدد من الجمهور الفرنسي، فتابع الجميع الأنشطة المستمرة دون انقطاع لجمعيات الجالية في فرنسا سواء على مستوى باريس أو في الوسط و الجنوب الفرنسي و التي لاتقتصر على تخليد المناسبات الوطنية فقط، بل هو عمل متواصل على مدار السنة من المشاركة في الفعليات الفرنسية نفسها، إحتفال “لومانتي” على سبيل المثال الى تنظيم انشطة ثقافية، القيام بوقفات و تظاهرات سياسية الى فتح حوارات مع الفعاليات السياسية احزاب، نقابات،منظمات و غيرها الى عقد جلسات مع عُمد بلديات و أطقهم والمشاركة في انشطة البلديات ذاتها الى استغلال الصداقات الشخصية و العلاقات الخاصة مع الفرنسيين ، من جانبها تمثيلية الجبهة الشعبية بباريس -و الحق يقال- أعطت نقلةً نوعية للعمل الإعلامي و السياسي في فرنسا أوجعت المحتل وأخرجته عن صوابه حتى إعترفت صحافته باللكمات التي تتلقاها من لدن الصحراويين في باريس فتمكنت تمثيلية الجبهة فضلا عن الحضور المستمر في وسائل الإعلام خاصة الإذاعة الرسمية الفرنسية “فرانس24 ” و المستوى الجيد شكلا و مضمونا للمرافعات و الحورات التي يقودها الطرف الصحراوي الى تشكيل و لأول مرة بعد أكثر من أربعين سنة مجموعة برلمانية داخل المجلس الوطني الفرنسي يُسمعون صوت الشعب الصحراوي عن قرب للسلطات الفرنسية،الى عقد اجتماعات للبرلمانيين الأوربيين و غيرهم من أصدقاء القضية الوطنية داخل قبة البرلمان الفرنسي و لذلك أكثر من دلالة. القيام بمحاضرات تحسيسية في عدد من الجامعات و الأكادميات آخرها في جامعة “أمينس”في الشمال الفرنسي حضرها عدد مُعتبر من الأكادميين و المهتميين، تأسيس مركز الشهيد أحمد بابا مسكة للدراسات و البحوث،الى تعزيز العلاقات مع الأحزاب و الشخصيات و التقرب من دوائر القرار.
ثانيها: إن الجمعيات الصحراوية في فرنسا قد ضخت في صفوفها في المدة الأخيرة نخبا شابة متمكنة من لغة البلد و مدركة لطرق التعامل مع العقلية الفرنسية و لانديع سرا بأن ماميّز مظاهرة الثاني عشر من أكتوبر عن غيرها من المظاهرات الفائتة بأن “الإعداد و التنظيم و الإشراف” عليها من الفها الى يائها كان من طرف شباب الجالية الصحراوية بفرنسا ، تلكم رسالة تواصل بين الأجيال و في ذلك تعزيز للوحدة الوطنية في ذكراها الرابعة و الأربعون و تأييد و إصرار على إنجاح مؤتمر الشهيد البوخاري أحمد.
ثالثها: إن نوعية المشاركين و حجم الحضور و سرعة الإستجابة و نجاعة التنظيم وإفشال تدابير القنصلية المغربية في الكواليس و الترصد للبلطجية المغربية و توقيفها عن حدها، تؤكد شيئا واحدا هو أن الصحرويين عندما يتفطنون لقدراتهم الذاتية و يستنهضون المخزون الوطني المتجذر في أعماقهم و يدركون بدون مبالغة بأنهم في استطاعتهم قلب جميع الحسبات و سل البساط من تحت فرنسا و عشيقتها المبتذلة المملكة المغربية وينظرون الى المستقبل بوضوح أمامهم بدون تردد و لا تملل
يصبح الوطن أقرب الينا جميعا وسيادة شعبنا في متناول أيدينا.
إن القوة كامنة في شعبنا وفي الدروس المستخلصة من تجربتنا الكفاحية الطويلة و لا شك أن الدّوس على رأس الأفعى في عقر دارها يوم الثاني عشر اكتوبرالماضي إن ما هي بداية لما بعدها و إنه لخير رد على غربان الشؤم و القنوط و اليأس و السّاعين الى خلق اهتمامات و انشغالات للصحراويين في هذا الوقت بالذات، بعيدة كل البعد عن أهداف التحرير، سواء بالنبش في الماضي أو جرنا الى معارك هامشية، كماأن التظاهرة المتميزة، خطوة أولى تكون دعامة مشجعة للتحضيرات للمؤتمر الخامس عشر للجبهة الشعبية رائدة كفاحنا بلامنازع التي مبادئها و روحها و مثلها تم صقلها بالفعل في انصهار مكونات شعبنا في التخليد الجيد لذكرى الوحدة الوطنية كل من موقعه و ظروفه و جالياتنا في اوروبا و خاصة جالية فرنسا و شبابها هي عمامة و تاج فوق رؤسنا بها نفتخر و نعتز ونستعد لجعل من جُحر الأفعى فرنسا ساحة صراعنا المستقبلي مع أعداء شعبنا فل نجفف منابع الغزو والخزو فل يكن شباب الجاليات الملتزم المثقف الواعي و الناضج في الطليعة. و حرب التحرير تضمنها الجماهير.
بقلم: محمد فاضل محمدسالم