نجاح المؤتمر تحدٍ للجميع بقلم محمد فاضل محمد سالم
نجاح المؤتمر تحدٍ للجميع
بقلم محمد فاضل محمد سالم
إن العزيمة على إنجاح المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر في ظروف داخلية و جهوية بالغة التعقيد هو تحدٍ كبير و أمر لن يستصيغه الاحتلال المغربي و عملاؤه. فكلما ظهرت طلائع الجبهة الشعبية من قيادات ، أطر و نخب، منسجمةً ، متماسكةً و تحذوها إرادة قوية في جعل من المؤتمر حدثا متميزا في تاريخ الشعب الصحراوي، كلما زادت خيبة أمل العدو في تحقيق مآربه في النيل من المؤتمر شكلا و مضمونا و كلما جن جنونه وضاعف من وتيرة سرعة ماكينة حروبه الشرسةضد شعبنا.
إن واقعة امهيريز الأخيرة –التي لقيت استنكارا من كافة الجسم الصحراوي-، و اختيار في هذا الوقت بالذات بعض من مايسمى بالعائدين الى مضاعفة تصريحاتهم و بث تسجيلاتهم المسمومة يُمنةً و يساراً و دعوة العثماني الوزير الأول و امين عام حزب لاعدل و لاتنميةالمغربي الى الحرب، بمجابهة و قمع أي ” إنفصالي” حسب زعمه، إضافة الى الحملة الشرسة التي تزداد سعيرا في وسائل التواصل الإجتماعي و غير ذلك من حروب المخابرات المغربية التي ستتخذ كلما إقترب موعد المؤتمر اشكالا و انواعا يمكن ان لايتصورها انسان، تُظهر بما لايدع مجالا للشك بأن الاحتلال المغربي يراهن على إفشال إستحقاق دجنبر المقبل و نسف طموحات شعبنا في الإنتقال نحو الأفضل و ذلك ب:
أ- تشتيت الانتباه الصحراوي و عدم التركيز على المؤتمر و الاستعداد له.
ب- توجيه الرأي العام خاصة النخب منه، الى البحث عن الشيطان في التفاصيل و الجزئيات و الشكليات، عوض البحث في الخطط العامة و الإستراتجيات.
ج- تحويل الملتقيات و الندوات التحضيرية للمؤتمر الى ساحات لفرسان المجادلة الكلامية و اسواق لبيع الذات في المزاد العلني.
د- إيهام ضعفاء النفوس من أبناء شعبنا بأن شحنة حب الوطن خف إشعاعها و أن المستقبل مظلم و حالك السواد.
ه- إن الإحتلال المغربي إذا فشل في ذلك لايُستبعد أن يقوم بأي عمل طائش في المخيمات أو المناطق المحررة من خلال عملائه في الداخل و يُسوٍّق بعد ذلك للعالم أن الشعب الصحراوي هو ذلك الذي يتقاتل في ما بينه و ليس أهلا بأن يكون له كيان.
إن العدو يدرك جيدا الظروف الدولية الحالية المعقدة و وضعية الإنسداد التي عليها القضية الصحراوية وبالتالي يسعى الى الإستفادة من ذلك و توجيه الضربة القاضية لجبهة البوليساريو و الدولة الصحراوية قبل أو اثناء المؤتمر و من يشك في ذلك فهو واهم.
إنه من باب الواجب، على النخب الصحراوية الحاملة للمشروع الوطني وذات نظرة سياسية واقتصادية واجتماعية ومتطلعة إلى المستقبل، وليست رهينة لوقائع الماضي، إستنفار كل قواها من تجربة نضالية طويلة و خبرة علمية لتفويت الفرصة على من يحاول وضع العصا في عجلة المؤتمر ولإثبات الذات و رفع التحدي.
إن صناعة التغيير يصنعه الأفراد من خلال المشاركة الفعلية في مختلف مراحل التهيئة للمؤتمر و انتخاب بكل تجرد و مسؤولية من يروه يعبر عن طموحات الصحراويين ليكون مندوبا أمينا، ينقل الى المؤتمر انشغالات القاعدة و يشارك بدوره في انتخاب من لهم “تصور-إرادة – و تنفيذ” ،ليقود المرحلة القادمة من صراعنا مع المحتل المغربي.
لقد حان للنخب المثقفة و الشابة منها بالخصوص أن تكشح عن وجهها و تبديء رأيها في كل المواضيع المطروحة بكل مسؤولية و جرأة و أن لا تدير ظهرها للندوات المحلية و الجهوية و تترك المجال لمن هب و دب يعبث بالمصير. إن النخب الصحراوية الشابة المثقفة و الملتزمة قد أبدعت خلال السنوات الأخيرة في أكثر من مجال و برزت قدرتها في المرافعة عن القضية الوطنية في المحافل الدولية و في المناطق المحتلة أعطت نفسا جديدا لكفاح شعبنا، و في ميادين اخرى اجتماعية و اقتصادية و ثقافية فرضت النخب الشابة نفسها على الجميع و لاشك أنه حان الوقت للإستماع، اولا لهذه النخب الشابة و ثانية أن تطور القيادات اتجاهها، خطابها السياسي و آليات الإتصال، مما سيُحفز الشباب على المشاركة و يجعل المؤتمر نوعي في الشكل و المضمون.
لذا لايمكن و نحن على أبواب سنة 2020 أن نستمر بخطاب الثمانينات و السبعينات لأننا لانتعامل مع شعب نسبة الأمية ربما تصل فيه الى 99 في المئة ويمكنه الأكتفاء بالشعارات و بعض الكلمات الثورية الحماسية يبتلعها صباحا و ينام عليها مساءا، ذلك أننا ببساطة خلقنا -أقصد الجبهة و الدولة – شعبا صفر أمية و كوَّنا المئات بل الآلاف من حملة الشهادات العليا وفي كل الإختصاصات، و يطالبون بطبيعة الحال بمحاوريين في مستواهم. فهل اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية ستأخذ ذلك في الحسبان؟ و هل ستنجح في اشراك اكبر عدد ممكن من ذوي الإختصاصات العليا من باحثين و محامين و صحفيين و دكاترة و تقنيين سامين و لو كان لهم رأي مخالف حول التسيير و إدراة الصراع بصفة عامة؟ لأن هؤلاء هم صفوة المجتمع و هم مفكروه و ربما عزوف بعضهم عن المشاركة وعدم تقديم كل ماعنده من خبرة علمية يرجع الى سلبية آلية الإتصال وعدم القدرة على معرفة الطريقة الناجعة لإمتصاص تلك الخبرات و المعارف و الإستفادة منها على أرض الواقع.
إن أدراكنا للأخطار المحدقة بالمشروع الوطني وضرورة أن يكون المؤتمر الخامس عشر مؤتمر إنتزاع المبادرة الهجومية و إعادة للجبهة الشعبية بريقها و وهجها يفرض ضخ دماء جديدة قادرة على الإبداع و الإتيان بالجديد . إن المسؤولية ملقاة اليوم على عاتق كل صحراوي بصفة فردية يقوده ضميره في الإعداد و التفاعل مع الوثائق المقدمة للمؤتمر وفي اختيار الأداة السياسية التي ستقود المرحلة القادمة والإستنفار و التجنيد لإبطال مفعول الألغام التي يزرعها العدو أمامنا و الأسلاك الشائكة التي يحاول إحاطتنا بها، و في الحوصلة نجاح المؤتمر تحدٍ للجميع.
بقلم: محمد فاضل محمدسالم