نجاح المؤتمر مسؤولية النخب
محمد فاضل محمد سالم
إن المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر يضع الجبهة الشعبية أمام امتحان صعب، الرسوب فيه غير مقبول، لأنه ببساطة هو التحلل التدريجي و الإندثار. إن هذا هو ما جعل في اعتقادي، الإهتمام و الحرص الذين أبداهما الرأي الوطني على شكل و مضمون التحضير لهذا المؤتمر.
لاشك أن مسؤولية الفوز بالرهان تقع على النخب الوطنية بالإساس و ليس على العامة، لإخراج شعبنا من الحالة الكئيبة و المؤلمة التي يوجد عليها اليوم و التي لا تُنَزَه هذه النخب عن المشاركة في خلق هذه الحالة التي لا نحسد عليها، بحيث نلوم من هم في السلطة ونلوم مستشاريهم و نوابهم و تابعيهم و المصفقين لهم و خصومهم و معارضيهم و من يكرههم و كل مخلوقٍ مخلوق ماعدى أنفسنا. فمن مسؤولية النخب الصحراوية اليوم هو تفهم المعضلة التي نحن فيها و إدراك تعقيداتها و الجرأة في ايجاد الحلول الملائمة لها. إن الملتقيات و الندوات التحضيرية للمؤتمر لاشك أنها فرصة متاحة لإبداء الرأي و بسط الأفكار و طرح الحجج ، فرصة لنقد السياسات العامة و تقديم البدائل بل البحث في اسلوب الإصلاح و التغير المتدرج و العميق للتحسين النوعي والمستمر لأداء هياكل الجبهة و مؤسسات الدولة. إن المشاركة الإيجابية بدون خلفيات و لا أحكام مسبقة و بنزاهة و نية صادقة في المساهمة في معالجة النواقص و إزالة العراقيل و البحث في أنجع الطرق لتقصير المسافة نحو التحرير ستعزز بلا شك وحدة الرؤية و إنساجم الطرح و بالتالي رسم الخطط القادرة على تحرير مبادرات المواطنيين للإبداع في تطوير الفعل النضالي و ابتكار الأساليب الناجعة في حشد كل الطاقات الوطنية و استنفارها لفرض السيادة على كامل التراب الوطني ، لإن الوطن مِلكٌ لنا جميعا بالتساوي و المواطن هو القيمة الإعلى و هو الكنز الذي بدونه لن تنجح السياسات و لن يتقدم المشروع ومن هنا يُطرح موضوع الإجماع و الإقصى ليس له محل هنا.
إن واجب تحرير الوطن فرض عين على جميع الصحراويين و فرض عين و كفاية على النخب الوطنية الملتزمة، المتفاعلة مع الواقع و الباحثة الى تغيره نحو الأفضل، و هو خيار إن صح القول للنخب الفاشلة التي همها هو “تَمراك لصباع من كل شيء” و تَدمير من حيث لا تدري معنويات شعبها و تَفكيك نسيج إنسجامه الذي هو هش أصلا و جر مناضلي التنظيم السياسي الى ساحات صراع هم في غناً عنها وليس عندهم لا الرغبة و لا الوقت في الدخول لها.
إن المؤتمر الخامس عشر من حيث دقة و حساسية الظرف الخارجي و الداخلي الذي تمر منه القضية الوطنية يأتي إنعقاده مشابها الى حد ما، بظروف انعقاد المؤتمرالشعبي العام الثالث إذ الشعب الصحراوي وقتئذ يفقد أحد أعز أبنائه الشهيد الولي مصطفى و يتعرض لمؤامرة دولية تقودها فرنسا، بخلق حلف دفاع مشترك من باريس الى دكار مرورا بالرباط و انواكشوط و بتغطية جوية من طائرات “الفاء وان و الفاء فايف” كما يحلو للحسن الثاني أن ينطق بها تباهيا بفعالية السلاح الأمريكي . داخليا كانت المشاكل جمة و المهام صعبة و الإمكانيات معدومة و آلام القنبلة و المطاردة و التشريد و فقدان الأحبة واستشهاد الرفاق بادية على أجساد و نفسيات عموم المواطنيين و خارجيا كانت الأبواب توصد أمام دبلوماسيينا بل يتم منعهم و طردهم من بعض العواصم، لكن كل ذلك و أكثر، لم يثبط من عزيمة النخب الوطنية الثورية و لا من إرادة مناضلي الجبهة الشعبية فحُولت من خلال التحضير الجيد للمؤتمر و انجاح جلساته، تلك الصعوبات و الإنتكاسات الى انتصارات و مكاسب و كان خير رد من المؤتمر الثالث على طلب ذلك المقاتل الشهم في اليوم الثاني من المؤتمر بقوله ” أيها المؤتمرون أعطونا الذخيرة، فدورياتنا تنتظركم للإنطلاق نحو خطوط النار” فكانت الذخيرة هي الإعلان عن هجوم الشهيد الوالي على كل الأصعدة لليُتوج ذلك الهجوم بتكسير حلف باريس- دكار، بإخراج موريتانيا من الحرب وبمضاعفة الإعترافات بالدولة الصحراوية الناشئة و ببناء أسس الإدارة الوطنية. فهل النخب الوطنية الصحراوية اليوم، ستصطف الى جانب إنجاح المؤتمر الخامس عشر و الدفع بهذا الأخير الى رفع التحديات الكثيرة داخليا و خارجيا؟
إن المشروع الوطني يمر بمنعرج خطير حيث هناك نية مبية للإجهاز على مكاسبنا و إنهاء القضية الوطنية، فالأمم المتحدة عاجزة عن التقدم في الحل و لم يبق لها الا أن ترفع الراية البيضاء، وفرنسا التي تتعرض لتقلص نفوذها السياسي في افريقيا تكشر عن أنيابها و تسعى الى فرض نفسها في الشمال الغربي الأفريقي من خلال محميتها المملكة المغربية وبدورها الدول العظمى بدون استثناء تضع منطقتنا في عين إعصار مصالحها الجيواستراتجية و الجيوإقتصادية و داخليا اضافة الى المشاكل المتعددة و العوائق الكثيرة و الأخطاء المتكررة سواء على مستوى التنظيم السياسي أو على مستوى مؤسسات الدولة، هناك التغييرات الكبيرة التي طرأت على شعبنا اجتماعية ، ثقافية واقتصادية و تعرضه اليومي للحرب النفسية و التدمير المعنوي من طرف الأعداء. فهل المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر “سيزود المقاتل بالذخيرة، لتنطلق الدوريات نحو التحرير” كما فعل المؤتمر الثالث؟ بإعلانه عن هجوم الشهيد محمد عبد العزيز على كل الواجهات للقطيعة مع مرحلة التردد و الإتكالية و النظرة الضيقة للأمور و يَرسم استراتجيةً محددةً واضحة الأهداف و قابلة للتنفيذ تكون من أولوياتها البناء الذاتي و الإلتفاتةعلى القدرة الوطنية وتفجير الطاقات الكامنة داخل المجتمع و بالتالي التوجه نحو الخروج من وضعية لاحرب و لاسلم التي كبلتنا بها الأمم المتحدة و حلفاء المغرب، ثم أخذ زمام المبادرة الهجومية ، الجواب على ذلك و غيره من الأسئلة المطروحة يبقى من مسؤولية النخب الوطنية الملتزمة؟
بقلم: محمدفاضل محمد سالم