في رحاب المؤتمر(II): المؤتمر والتغيير
السيد حمدي يحظيه
في إطار نقاشنا المفتوح حول المؤتمر القادم على صفحات الجرائد الوطنية الإلكترونية كتبنا المرة الماضية أننا أصبحنا نذهب الى المؤتمر كي ننتخب الأمانة الوطنية فقط، وفي خضم التطاحن على الكراسي نطحن الوطن والمواطن ونقضي أيام المؤتمر في توزيعه اللوائح وخلق التحالفات البائسة وتغيب عن أذهاننا أننا هنا كي نخرج بخطط جديدة. نكتب اليوم عن المؤتمر والتغيير بحكم ان كل مؤتمر هو وقفة لتجديد السياسات وليس لانتخاب الأمانة الوطنية فقط. كل الصحراويين ينظرون إلى المؤتمر وينتظرونه بفارغ الصبر، وبعضهم، وهذه مفارقة، ينظر إليه وينتظره وهو شبه متأكد في عمقه أنه سيكون مثل المؤتمر الذي سبقه، وأنه لن يأتي بالجديد الذي يتطلع إليه. الذين ينتظرون المؤتمر بجد لا ينتظرونه كمداولات تدوم ثلاثة أيام، او كمحطة سياسية دستورية، لكنهم ينتظرون منه ما تمليه عليهم طموحاتهم: التغيير الذي هو سنة الحياة، والذي يعطي للحركة القائدة دفعا الى الأمام وينفخ الهواء في رئتيها. التطلع إلى التغيير هو سنة في الحياة وهو غريزة أيضا، والمرء مهوس بالجديد وبرؤية ما وراء الشجرة. الصحراويون ينتظرون كل ثلاث سنوات محطة المؤتمر، لكن ليس المؤتمر/ الحدث سياسي الذي يفرضه الدستور، والذي يتمنى القائمون على الشأن الوطني لو يتم تأجيله اكثر، إنما ينتظرون التغيير والتجديد. لكن كلمة / مصطلح التغيير في واقعنا الحالي تبقى هلامية وعائمة وغير متفق بشأنها. اذا سألت صحراويا ماهو التغيير الذي ينشده من المؤتمر، يقول لك: تغيير هذه الإطارات الفاشلة التي بقيت في السلطة منذ البداية. لكن يمكن أن تسأل صحراويا ثانيا، فيقول لك: تغيير الاساليب والقوانين والدستور التي لم تعد صالحة للواقع الحالي .
إذن، نحن امام جدلية منتظرة مضفورة فرضها لون النظارات التي ننظر بها إلى الواقع. التغيير الجذري في البلدان المتقدمة يحصل حين يصل الحزب المعارض إلى السلطة عن طريق الانتخابات: يحصل زلزال في التسيير، ويأتي فريق جديد إلى السلطة وفي ذهنه التغيير الشامل كنقطة انطلاقة.
بالنسبة لنا نحن، وفي واقعنا الحالي، وبما أنه لا توجد لدينا أحزاب معارضة، يجب أن لا ننتظر التغيير الزلزال الذي نحلم به، والذي نريده أن يحدث دفعة واحدة. لنفترض أننا غيرنا الرئيس وغيرنا كل الذين فتحنا أعيننا عليهم في السلطة وتركنا الأساليب والقوانيين التي كانت سائدة؟ هل سيحدث التغيير المنشود.؟ طبعا لا. لنقرأ الفرضية من الخلف: نغيير الأساليب والقوانيين وننتخب، كالعادة، نفس المجموعة التي كانت في السلطة.؟ هل حدث التغيير؟ بالطبع لا لا لا. هذا يقود إلى الإعتقاد أن التغيير هو كل لا يقبل التجزئة يشمل القوانيين والأساليب والبشر. حين تكون الحركة القائدة وحيدة في الميدان، مثلما هو حالنا، لا بد لها من المنظرين الواعيين الذين يسنون القوانيين ليس على مقاسهم، وليس للهروب إلى الأمام ثلاث سنوات لكن لتكريس ثقافة التغيير. قوانين تفرض تغيير الأفراد الاوتوماتيكي، وهو التغيير الذي سيأتي، بدون شك، بتغيير الأساليب.