أخطبوط مدينة الداخلة المسروق على موائد السواح في غاليثيا GALICIA
السيد حمدي يحظيه
طبق لذيذ من الاخطبوط مقابل من العدس او الارز الحافي
ففي حين يتلذذ السواح باطباق اخطبوط مدينة الداخلة اللذيذ على بعد الاف الكيلومترات، في مقاطعة غاليثيا، أقصى شمال اسبانيا الغربي، وفي حين تتغذى هذه المقاطعة كلها تقريبا من المال الذي يدر هذا الحيوان البحري وتعيش سياحيا منه، يقبع الصحراويون، الملاك الحقيقيون للاخطبوط المسروق، في مخيمات لا تعرف عن الاخطبوط إلا ان اسمه ” ازايز” لكن لم يذوقوا طعمه ولا يعرفون هل يؤكل أو ” إكبظ تيمشي”، كما لا يعرفون أن ثمن الطبق الواحد منه هو 20 اورو، أي ما يعادل نصف مليون جزائري. فالصحراويون، الملاك الحقيقيون للاخطبوط اللذيذ الأحمر الغني بالفيتامينات الذي يتلاكم السواح من أجل الفوز بطبق منه ب20 يورو، يأكلون، كل يوم، طبقا من العدس- إن وجدوه- في الغذاء وطبقا من الارز الحافي في العشاء.
في حين يقبع هؤلاء اللاجئون في منفاهم القاسي بلا كهرباء ولا ماء صالح للشرب، يحصد المحتل المغربي، أمام أعين الجميع والأمم المتحدة ملايين الدولارات من ثروتهم، حقهم، ويتم تبذيرها على سهرات وحفلات ورحلات الملك المغربي وخمره ورذائله في باريس.
وادي الذهب هو في الحقيقة وادي الاخطبوط والسمك
حينما وصل البرتغاليون عام 1436 إلى خليج مدينة الداخلة الصحراوية أطلقوا ا عليه اسم Rio Douro لشبهه بخليج في البرتغال يحمل نفس الاسم:Rio Douro ، وادي الذهب، وتقول الاسطورة البرتغالية أن تسميته بوادي الذهب تعود إلى انهم وجدوا قرب الخليج عند أحد البدو الصحراويين صرة من قطع صغيرة من الذهب، وحين سألوه بالإشارات أين وجده أشار لهم إلى البحر، وقال لهم انه وجدها فيه. حين جاء الأسبان حولوا اسمه من برتغالي إلى اسباني Rio de Oro، وحين تسلم الحاكم الأسباني Antonio de Oro Pulido مقاليد حكم وادي الذهب سنة 1937م، قرر أن يثبت الاسم لإنه هو نفسه يحمل اسم de Oro، واراد ان يكون اسمه مرتبطا بمنطقة في الصحراء الغربية مثلما هو الشأن Villa Cisneros الداخلة التي تحمل اسم المبشر الاسباني بيا ثيسنيرو، وطرفاية Villa Bens التي تحمل اسم فرانثيسكو بينس الذي حكم الصحراء الغربية من سنة 1903 إلى سنة 1925م.
في الحقيقة الذهب الذي يعني البرتغاليون، والأسبان فيما بعد ، والذي يوجد في خليج الداخلة هو السمك والاخطبوط ويدر ارباحا كبيرة أكثر من ارباح الفوسفات، وهو الثروة الحقيقية للصحراء الغربية.
أسطورة اخطبوط غالثيا “النوعي”
هناك اسطورة أسبانية بدأت من قبل عهد فرنكو، وبدأها الجنرال فرانثيسكو بينس الذي حكم الصحراء الغربية 23 سنة، وهو الذي وقف على أكتشاف معدن الثروة السمكية في حوض مدينة الداخلة الصحراوية، وهو الذي أمر بتحويل الأخطبوط إلى غاليثيا ليتم بيعه هناك على أساس انه اخطبوط اسباني. فالاخطبوط الذي يتم صيده في حوض مدينة الداخلة الصحراوية المحتلة الآن لا يوجد مثله من حيث النوعية والجودة في العالم ولا من حيث الكم. فهو كبير وأحمر ولذيذ ولحمه غني بالفيتامينات. تقول الاسطورة المحلية أن غاليثيا هي أغنى منطقة بالاخطبوط في العالم، وإلى اليوم يتوافد إليها السواح في موسم صيد الاخطبوط من مختلف بقاع العالم ليأكلون اخطبوطها على أساس انها فعلا أغنى منطقة بالاخطبوط. صحيح غاليثيا تحتوي على واحد من أكبر حياض الاخطبوط، لكنه أخطبوط صغير ولونه رمادي ومذاقه ردئ وهزيل. فحتى تتجذر الاسطورة الغاليثية المحلية، وتصبح أكثر جاذبية وقبولا عند السواح أكثر، بدأ الأسبان منذ القدم يحولون اخطبوط مدينة الداخلة الصحراوية إلى غاليثيا ويخلطونه هناك مع الاخطبوط المحلي، ويسوقونه للناس على أساس انه اخطبوط غاليثي اسباني فيدر على المنطقة المذكورة ثروة هائلة سنويا. فعلا لعبت الخدعة دورا كبيرا في ايهام السواح الذي أصبحوا يحجون سنويا إلى غاليثيا ليأكلون الاخطبوط الأحمر الممتلئ القادم أصلا من مدينة الداخلة على أساس انه اخطبوط غاليثي.
المحتل المغربي يُبقي على الوضع: اخطبوط الداخلة إلى غاليثيا سريا
منذ أن احتل المغرب الصحراء الغربية واصلت الشاحنات المغربية حمل اخطبوط مدينة الداخلة إلى غاليثيا، وبيعه هناك للصيادين الأسبان ليتم بيعه للسواح على شكل أطباق ثمن الواحد ما بين 10 أو 20 يورو، ويتم تسويق الكذبة على أساس انه اخطبوط احواض غاليثيا فتعيش الاسطورة أكثر. الآن، بعد أن اكتشفنا أن أخطبوط مدينة الداخلة يتم تسويقه، منذ القدم، إلى مقاطعة غاليثيا الأسبانية، وأن المحتل المغربي واصل نفس النهج، وأبقى على بيع الأخطبوط الصحراوي إلى غاليثيا سريا، أصبحت تراودنا شكوك كبيرة يمكن أن تكون حقيقية وهي أن يكون في اتفاق مدريد سنة 1975م، خاصة الشق الاقتصادي السري، نقطة تقول أنه يجب أن يتعهد المغرب على الإبقاء على بيع اخطبوط مدينة الداخلة إلى غاليثيا.
فحسب قنوات أسبانية LA SEXTA في برنامجها EQUIPO DE INVESTIGACIÓNالذي بثته في سنة 2017م والذي كلفها اعتقال مراسيليها حين كانوا يعدون برنامج ” جينيات الاخطبوط”، وقناة CUATRO في برنامجها EL PUNTO DE MIRA ليوم 13 غشت 2018م فإن أحسن انواع الاخطبوط في العالم يأتي من الصحراء الغربية، وبالضبط، من مدينة الداخلة المحتلة، حيث يتم تحويله سريا يوميا خلال فصل الاخطبوط من مدينة الداخلة على متن 9 شاحنات معروفة، وتعبر أسبانيا كلها دون تفتيش لتصل إلى مقاطعة غاليثيا. حسب القنوات المذكورة تخرج الشاحنات الثلاجات من ميناء مدينة الداخلة وتعبر أسبانيا كلها دون تفتيش حتى تصل إلى غاليثيا، وهنا يتم تفريغ الاخطبوط ليتم توزيعه على مدن غاليثيا وتصدير الباقي إلى اوروبا.
نموذج لخداع السواح في قرية MUGARDO
في غاليثيا يتم تنظيم حوالي 4000 مهرجان لطبق الاخطبوط في القرى والمداشر والاحياء خلال موسم صيد الاخطبوط، ويتهافت السواح ويتدافعون بالمناكب للفوز بطبق من الاخطبوط. يقوم المنظمون وتجار الاخطبوط، وهذا منذ القدم، بخداع السواح: فحتى يبيعون اخطبوط غاليثيا الردئ يقومون بخطله باخطبوط مدينة الداخلة الأحمر السمين الشهي. فحسب اشرطة القنوات الأسبانية المذكورة سابقا فإن تصدير اخطبوط مدينة الداخلة إلى غاليثيا هو غير شرعي، وحين كان الصحافيون يسألون الناس عن مصدر الاخطبوط كانوا يردون عليهم بطريقة سرية: انه اخطبوط قادم من الصحراء الغربية أو من مدينة الداخلة.
ففي مهرجان قرية موغاردو الغاليثية السنوي يحتشد حوالي 15 الف سائحا للفوز بطبق من هذا الاخطبوط الاحمر الشهي القادم من الصحراء الغربية. فحين يسأل الصحفيون المسئولين عن المهرجان عن مصدر الاخطبوط يقولون لهم بتلعثم انه من غاليثيا، لكن الناس، أهل البلد، الذين لا تهمهم السياسة، والعارفين بكل خفايا الموضوع يهمسون ويقولون انه قادم من الداخلة الصحراوية.