
لن يقفز الشعب الصحراوي من السفينة
البشير محمد لحسن
يسعى بعض الصحراويين – الذين خانوا قضيتهم وانضموا إلى صفوف محتل أرضهم – إلى تصوير أنفسهم على أنهم الأكثر دهاءً، فطنة وواقعية، فيظنون أن “سفينة القضية تغرق”، فيقفزون منها بحثا عن خلاص فردي مزعوم. ثم لا يكتفون بذلك، بل يحاولون إقناع شعبهم بأن هذه السفينة آيلة إلى الغرق، متأثرين في ذلك بالدعاية الكاذبة التي روّجها المحتل المغربي.
يتساءل هؤلاء باستغراب: لماذا لا يتبعنا باقي الشعب في قفزتهم هذه؟ لكنهم يغفلون عن حقيقة جوهرية، وهي أن الشعب الصحراوي لم يكن في يوم من الأيام الطرف الأقوى في المعادلة. فلو كان قد رضخ منذ البداية لمنطق “القوة والضعف” الذي تفرضه الحقائق المادية، لما انتفض أصلا ضد الاحتلال المغربي عند اجتياحه للأرض في 31 أكتوبر 1975. فالمحتل كان حينها يفوقه عددا وعتادا وحلفاء، وكان منطق “الواقعية” يفرض الاستسلام ويدفع إلى التساؤل: أي جدوى من مقاومة عدو قوي لا تكافؤ معه؟ أليست مجرد انتحار جماعي؟
لكن روح المقاومة لا تخضع لهذه الحسابات الجافة الجامدة. فحين تُغتصب الأرض، وتُنتهك الكرامة، لا يكون الرد بالمنطق البارد ولا بالجدل العقيم، بل يكون بالفعل والمقاومة – سواءً بالسلاح، أو بالحجر، أو حتى بعصا يرفعها الأحرار كعصا السين. وار. إنها لحظة التحدي التي تتجاوز كل حسابات المكاسب والخسائر.
وحتى لو آلت الأمور في النهاية إلى انتصار الظالم، وغَرقت السفينة بحسب ظنون البعض، فخيرٌ لأصحاب المبادئ أن يموتوا واقفين، مدافعين عن أرضهم وشرفهم، من أن يعيشوا راكعين، منقلبين على هويتهم، موالين لمحتل اغتصب أرضهم وسعى لإبادتهم.
لذلك، وبغض النظر عن ضجيج الدعاية المغربية الزائفة، يظل الخيار الوحيد الذي يعرفه الشعب الصحراوي هو الثبات. لن يقفز من السفينة، ولن يحيد عن الطريق، وسيظل صامدا حتى تحقيق النصر والاستقلال.



