فرنسا تتعرى من قيمها المنادية للحرية والمساواة والأخوة
نشرت جريدة ماريان الفرنسية مقالاً مطولاً لرئيس منظمة كاراسو الناجم سيدي حول موقف الحكومة الفرنسية الأخير بشأن الصحراء الغربية.
حيث أشار الناجم سيدي إلى الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ملك المغرب محمد السادس، معترفاً بشكل رسمي تأييده لمخطط الحكم الذاتي، الذي شاركت فرنسا في كتابته واقترحه المغرب في أبريل2007. وأكد ماكرون في رسالته أن هذا المخطط هو ”الأساس الوحيد“ لحل النزاع في الصحراء الغربية.
وأكد الناجم سيدي أن هذا القرار سيكون له تأثير سلبي على نزاع الصحراء الغربية، وسيدوس على القانون الدولي وسيؤدي إلى تعقيد جهود مجلس الأمن الداعية إلى حل سياسي. وبهذا القرار يسير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خطى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز. وتنحاز فرنسا، مرة أخرى، إلى جانب الولايات المتحدة وإسبانيا، متجاهلة بغرور الحقوق المشروعة للصحراويين المعترف بها من قبل الأمم المتحدة من خلال إدراج الصحراء الغربية في عام 1963 في قائمة الأقاليم التي سيتم إنهاء الاستعمار منها، ومن خلال الاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاستقلال عام 1966.
إنحياز فرنسا المكشوف
ويضيف المقال، ان فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن، كشفت بشكل مفاجئ عن انحيازها لصالح المملكة المغربية. والواقع أن الحكومة الفرنسية لم تتوقف قط عن دعمها للمغرب سواء في مجلس الأمن الدولي بالڤيتو عندما يتعلق الأمر بتوسيع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لتشمل آلية مراقبة حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية أو في فضيحة الفساد بالبرلمان الأوروبي التي تورط المغرب فيها عبر الرشاوي والتجسس والتنسيق مع منتخبين برلمانيين (Marocgate).
واستناداً إلى وثائق سرية، فقد قدمت حكومة ڤاليري جيسكار ديستان الدعم السياسي والعسكري للمغرب خاصة أثناء تدخل الجاغوار للجيش الفرنسي عام 1977. وكانت نتيجة ذالك التدخل العسكري الفرنسي مئات القتلى من الأبرياء المدنيين في صفوف الصحراويون في عملية Lamantin.
العودة إلى الشرعية الدولية
واليوم، تعتقد فرنسا أنها تتحايل بكل عنجهية على قرارات الأمم المتحدة وتتجاهل نضال الشعب الصحراوي، الذي ناضل لأكثر من نصف قرن، مما سمح له بممارسة حقه في الحرية والكرامة والحق في تقرير المصير. إضافة إلى أن الصحراء الغربية إقليم “غير مستقل ذاتيًا” قانونيًا، وبالتالي فهو منفصل ومتمايز عن أي دولة، بما في ذلك المغرب، الذي احتله بشكل غير قانوني منذ عام 1975. وفيما يتعلق بالقانون الدولي، تظل هذه المستعمرة الإسبانية السابقة دائمًا مسألة تصفية الاستعمار حسب قرار الأمم المتحدة رقم 1514.
وطبقاً للقرار الأممي 690 الصادر عام 1991 أقر مجلس الأمن تشكيل بعثة أممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية التي تعرف اختصارا بـ”المينورسو” (MINURSO). وفي 6 سبتمبر 1991 وقع المغرب والبوليساريو اتفاقا لوقف إطلاق النار بينهما دخل حيز التنفيذ في نفس اليوم. ومنذ ذالك التاريخ، عرقل المغرب إجراء استفتاء تقرير المصير لأنه يخشى أن يختار الشعب الصحراوي الاستقلال. وهكذا فقدت بعثة المينورسو كل ثقلها السياسي الحقيقي، ولم تعد أكثر من مجرد قوة مراقبة لوقف إطلاق النار.
أعمال خبيثة ومستقبل غامض
هل نسيت الحكومة الفرنسية بسهولة.. حلقة “بيغاسوس”؟ بيد انه تم استهداف الرئيس إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء إدوارد فيليب، بالإضافة إلى أربعة عشر عضوًا آخر في الحكومة والتجسس عليهم. ورغم نفي الحكومة المغربية، أكد الإليزيه: “إذا ثبتت الحقائق، فمن الواضح أنها خطيرة للغاية. وسيتم تسليط الضوء الكامل على هذه التقارير الصحفية. وقد أعلن بعض الضحايا الفرنسيين بالفعل أنهم سيقدمون شكاوى، وبالتالي سيتم فتح تحقيقات قانونية”.
هذا وسمح تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر 2020 بتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري تم استخدام طائرات بدون طيار إسرائيلية من طرف المغرب لقتل مئات المدنيين الصحراويين والجزائريين والموريتانيين، بما في ذلك الأطفال، في السنوات الأخيرة.
لقد أظهر الشعب الصحراوي دائما استعدادا جيدا للحفاظ على التضامن والأخوة مع الشعب الفرنسي. اليوم، يشعر الشعب الصحراوي بخيبة أمل كبيرة إزاء هذا القرار الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بشأن نزاع الصحراء الغربية، لكنه يأمل ألا يشعر بخيبة أمل من الشعب الفرنسي الذي يحب الحرية والمساواة والأخوة.
بقلم : الناجم سيدي