خوانخو مييرا في مقابلة مع موقع الرابطة، متحدثاً عن أبطال إنتفاضة الإستقلال: “وقفت بنفسي على كفاحهم ورأيت كيف يواجهون المحتل، لمست شجاعتهم وعزيمتهم التي لا تلين”
يخصص موقع رابطة الصحفيين الصحراويين هذه الفقرة لتعريف الرأي العام الوطني بجهود أصدقاء القضية الوطنية، الذين يكافحون في صمت منذ سنوات من أجل المرافعة عن حقوق شعبنا. البداية كانت مع المتضامن الكبير مع قضية شعبنا السيد، خوانخو مييرا (JUANJO MIERA) الذي يجيب في هذه المقابلة المهمة عن مجموعة من الأسئلة الشخصية والعامة.
حوار وترجمة اللقاء: البشير محمد لحسن
موقع الرابطة: من هو خوانخو مييرا؟
خوانخو مييرا: ولدت في مدينة سانتندير، أنا الأخ الثالث لعائلة متكونة من ثمانية ابناء. عائلتي تنتمي لليمين الذي ربح الحرب الأهلية في إسبانيا نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. درست التجارة وانهيت دراساتي في سن الخامسة عشرة، ولما بلغت الثامنة عشرة تخرجت كاستاذ في التجارة. وقد بدأت المزاوجة بين العمل في شركة عائلية والدراسة في مجال العلوم التجارية.
أديت الخدمة العسكرية الإلزامية بمدينة فيتوريا الباسكية لمدة 13 شهراً، حينها نتبّهت إلى ايديولوجيتي وإنتمائي للتيار الماركسي بعد مشاركتي الخدمة العسكرية مع رفقاء باسكيين تحديداً. وقد كنت حينها سعيداً شأني شأن بقية زملائي لأنه لم يتم توجيهي إلى الصحراء، المقاطعة 53 آنذاك، لـتأدية الخدمة العسكرية، نظراً لبعدها عن إسبانيا وتأييدي لحق الشعوب في تقرير مصيرها.
موقع الرابطة: كيف تعرّفت على القضية الصحراوية؟
خوانخو مييرا: سمعت عنها عندما كنت في الخدمة العسكرية، فقد كنت مؤيداً لحقوق كل الطبقات والشعوب، لكن نضالي كان موجهاً بشكل أساسي للحركة العمالية. فقد بدأت العمل في شركة للمصاعد وقد تم اختياري كرئيسٍ للعمال ضمن نقابة ناشئة. هذه النقابة كان لها الفضل وضع اللبنات الأولى لتأسيس الحزب الشيوعي الإسباني بمقاطعة كانتابريا. وقد تميزت تلك الفترة بالقمع من طرف نظام فرانكو ضد الحركات العمالية والسياسية المناهضة للدكتاتورية.
كنت ضمن الذين تعرضوا للخداع من طرف الأحزاب العمالية التي ناضلت من أجل هزيمة نظام فرانكو… وبعد سنواتٍ شعرت بنوعٍ من الإحباط. حينها ظهرت العظيمة امينتو حيدار في إضرابها الشهير عن الطعام بجزيرة لانثاروتي. وهو الإضراب الذي ارعد فرائس حكومات عديدة، فقد نجحت في تكسير جدار الصمت المفروض على القضية الصحراوي لسنوات. ذلك الحدث كانت له أهمية بالغة لدرجة أنه غيّر بشكلٍ جذري حياتي. حينها اتخذت القرار بأن أمضي ما تبقى لي من عُمر في الدفاع عن القضية الصحراوية، وهو ما أواصل القيام به منذ ديسمبر 2009 مخصصاً لها 24 ساعة في اليوم سواءً عن طريق النضال في الشارع أو في وسائل التواصل الإجتماعي.
موقع الرابطة: متى كانت أول زيارة لك لمخيمات اللاجئين الصحراويين؟
خوانخو مييرا: في ديسمبر 2009 انتقلنا للمطار للتضامن مع امينتو حيدار، حينها أجريت أولى الإتصالات بالجمعيات المتضامنة مع الشعب الصحراوي. كما قررت استضافة طفل صحراوي ضمن برنامج عطل في سلام. في العادة أزور المخيمات مرتين في السنة إحدها في شهر فبراير والأخرى في أكتوبر. وبعد صيف 2010 قررت السفر للمناطق المحتلة، على اعتبار أنها الطريقة المثلى لخدمة القضية. لم استطع السفر بعد أن حجزت التذاكر ليوم 11 نوفمبر 2010، وقد تزامن ذلك مع تفكيك قوات الإحتلال لمخيم اكديم ايزيك. ضاعت التذاكر لكني لم افقد الأمل ولا الرغبة في مواصلة الدفاع عن القضية أبداً.
في شهر فبراير من نفس السنة زرت المخيمات لأول مرة ولمدة 15 يوماً، ومنذ ذلك الحين وأنا أزورها كلما سمح لي وضعي الصحي وظروفي المادية. أعتقد أنني زرت المخيمات أكثر من عشرين مرة كما تمكّنت من زيارة العيون المحتلة ثلاث مرات.
موقع الرابطة: كيف ترى اليوم الحركة التضامنية مع الشعب الصحراوي بإسبانيا؟
خوانخو مييرا: ضمن الحراك التضامني مع الشعب الصحراوي توجد منظمات من كل نوع، فبعضها يهتم بتقديم المعونات الإنسانية حصراً بينما البعض الآخر يقدم الدعم السياسي. لا شك أن كل ذلك ضروري ومطلوب لكن يبقى الدعم السياسي هو الأهم. فالأحزاب السياسية تؤيد القضية الصحراوي فقط عندما تكون خارج السلطة، لكن عندما تحصل على بعض السلطة تتغير المواقف بشكل جذري. أفهم أن المساعدات الإنسانية هي جد ضرورية لكن الحكومة الإسبانية تستخدمها كورقة ابتزاز. اعتقد أن تلك المساعدات تقلصت بشكل كبيرة في السنوات الأخيرة فالحكومة الحالية لن تقدم أي دعم دون الحصول على شيئ ما مقابله.
عندما يتطلب الموقف اتخاذ موقف سياسي تنسى الحكومة الإسبانية الموضوع كلياً، بينما تجد المنظمات الإنسانية نفسها وحيدة في الميدان حتى سياسياً، وهناك جمعيات معروفة بدورها الفعال سواءً بالدعم الإنساني أو السياسي من خلال تأييد القرارات السياسية المؤيدة للشعب الصحراوي.
موقع الرابطة: ما هي رسالتك للشعب الصحراوي وللشباب تحديداً؟
خوانخو مييرا: إنها مهمة صعبة، ماذا يمكنني القول لمن عاش ويعيش القضية منذ نعومة اظافره؟ إنني لا اجرؤ على ذلك. لا يمكنني أن أقول لهم ما الذي يجب عليهم فعله. أعتقد ان طريقة نضالهم بالمناطق المحتلة هي صحيحة وجد ثمينة. وقفت بنفسي على كفاحهم ورأيت كيف يواجهون المحتل لمست شجاعتهم وعزيمتهم التي لا تلين، ونفس الأمر ينطبق على شباب المخيمات.
إنطلاقاً من تجربتي النضالية، أقول للشباب انه من الضروري أن يكونوا متكونين ومتعلمين ليس فقط في تاريخ الصحراء الغربية، الذي يجيدونه لكن أيضا في المجالات الجيوسياسية، أن يعرفوا أين هم ومع من يجب أن يكونوا. نحتاح إلى تعليم أقوى وتوعية.
موقع الرابطة: هل تودّ إضافة شيء آخر؟
خوانخو مييرا: ما اود قوله هو أن الشعب الصحراوي يدرك انه يحتاج لمساعدتنا، لكن فيما يبدو أنه لا يدرك أن الشعوب الإسبانية هي الأخرى بحاجة إلى مساعدة الشعب الصحراوي. فمشكلة البطالة، معاشاة المتقاعدين أو حقوق النساء وغيرها ليست مشاكل تخصنا وحدنا لكنها تخص الشعب الصحراوي أيضاً خاصة بالمناطق المحتلة أو المخيمات. على الصحراويين أن ينخرطوا في تلك المعارك بغرض إظهار ما يعانيه شعبهم من انتهاكات، فهي في المحصلة قضية كفاح مشتركة بين جميع الشعوب.
ولا بديل لا بديل عن تقرير المصير.
الصحراء الغربية حرة.
حاوره وترجم اللقاء: البشير محمد لحسن