ماي يشرق من جديد
لا تكاد تبدأ الأيام الأولى من شهر ماي حتى يبدأ الصحراويون باستذكار أمجاد هذا الشهر الذي أسس فيه الشعب الصحراوي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وفيه إجتمع الرأي على موقف واحد ووحيد، يقول في محاربة المحتل بلغة النار و الحديد.
فمن عظمة الحدث ودلالاته ومعانيه التي تسمو فوق كل المعاني يستذكر كل صحراوي اليوم ممن عايش أو سمع أو قرأ تفاصيل تلك المرحلة المفصلية في تاريخ الشعب الصحراوي .
لا يغيب عن بال الصحراويين في هذه الأيام ما مضى من سنوات، وما مر فيها من تفاصيل تعكس تمسك هذا الشعب بحريته واستقلاله. فقبل 51 سنة ، أسس الصحراويون جبهة تحرير وطنهم بعد رؤية سياسية ملهمة للشهيد الولي ورفاقه ليتم ميلاد مشروع وطني جامع بعدما تعاظم الوعي الوطني بضرورة اعتماد الشعب الصحراوي على نفسه في معركة طرد الاستعمار، باللجوء إلى الكفاح المسلح باعتباره السبيل الوحيد إلى ذلك، و خلقت ظروف الاستعمار الاسباني شعوراً لدى قطاعات واسعة من الصحراويين بأن الوقت قد حان كي ينظّم الشعب الصحراوي صفوفه، ويستعد لمعركة تحرير قد تطول وثورة قد تكون ثورة أجيال، بالاستناد إلى جدار وحدة وطنية متماسكة.
فلم يسجل الزمن على الرغم من فارق التاريخ والظروف الكثير من الاختلاف، بين الأمس الذي قرر فيه الصحراويون تأسيس حركة تحرير وطنهم، وبين اليوم الذي يصنعون فيه تاريخهم و ماضون في مسيرة كفاحهم حتى تحرير وطنهم، حيث المحتل والمعتدي لم يتبدّل، وحيث اليقين الصحراوي بالنصر الحتمي الذي ظلت تترجمه إرادة تجذرت في الوجدان الصحراوي منذ الوهلة الأولى لاندلاع الكفاح المسلح باقية.
واحد و خمسون سنة مرت وذاكرة الصحراويين تحتفي بمشاهد الذين صاغوا هذا اليوم الوطني الناصع والذين خاضوا معركة الشرف والكرامة التي أثمرت عن ميلاد دولة كل الصحراويين الجمهورية الصحراوية بفضل الدماء و الدموع و تضحيات قدمتها نفوس عاهدت ربها فصدقت عهدها، أجيال نهضت من جذور أرض الساقية الحمراء و وادي الدهب.ففي سطر شهر ماي من سنة 1973، كان إعلان الكفاح المسلح، وفيما تلاه من سطور إرادة وعزيمة و تضحيات و إيمان صحراوي بنصره الحتمي مهما كانت الظروف .. واليوم، على نفس الخط في مسيرة مجابهتهم للغزو المغربي، يقف الصحراويون وهم يسترجعون ذاكرة تاريخهم المفصلي ويجددون تمسكهم بهدفهم المقدس في الحرية و الاستقلال , هدف لن يتم تجاوزه او التخلي عنه مهما كانت الظروف.
إن ذكرى اندلاع الكفاح المسلح ليست مجرد استذكار روتيني ليوم مجيد من تاريخنا، بل كانت وستبقى حافزاً لنا جميعا على البذل والعطاء، ومصدر إلهام و صمود لتجاوز كل المحن في هذه المرحلة من مسيرتنا الكفاحية التي لايغيب فيها عن ذهن كل صحراوي و صحراوية حجم الاستهداف الذي نتعرض له بأشكال متزايدة ، بتزايد الصمود الذي نبديه في كل مرحلة من مسيرة كفاحنا…..
بقلم: لحسن بولسان