كيف نقرأ الجانب الأخطر من الصراع الراهن ؟
ننطلق من مقالي الأخير المعنون ب” غرفة عمليات تخريبية على حدودنا ” وهو مقال حاولتُ من خلاله أن أقدم تلخيصاً لعدة معطيات ومعلومات تعكس نوعاً آخر من الحرب الخفية التي تدار بهدف خلق انفلات أمني حقيقي داخل المخيمات انطلاقا من سفارة العدو المتواجدة في عاصمة دولة مجاورة تعترف بالجمهورية الصحراوية ، لكن ما جاء في المقال يبقى رؤوس أقلام فقط لحرب أمنية قد تكون أخطر من باقي جبهات الحرب و المقاومة المتنوعة التي يقودها شعبنا حاليا .
في جلسة مع إطار صحراوي جمع بين الأمن و الاستعلام و التخطيط ، وخلال النقاش وتبادل الملاحظات حول الوضع العام قال الرجل جملة لخّصت الوضع و قدمت تلخيصاً دقيقا يجب الإنتباه له ، حيث قال ” استطعنا أن نجعل العدو في حال استنفار في الخطوط الأمامية وأماكن أخرى، لكنهم يحاولون بجهد جعلنا نستنفر قوتنا هنا في الداخل قرب الخيم بدل الأمام ” . بالتأكيد أن هذا الكلام لم يصدر عن سياسي بربطة عنق قد يلقي بالكلام هكذا في إطار الهجوم الاعلامي ، بقدر ماهو صادر عن رجل خبر الساحة جيدا وله فيها ما له من إنجازات دون ضجيج ولا صور ولا كثرة تباهي أو كلام .
من بين العوامل الفتاكة التي قلبت معادلات المواجهة في نقاط مختلفة من العالم هو جعل ” العدو النقيض ” منشغلاً في إطفاء الاضطرابات الداخلية التي قد تكون مفتعلة وقد يكون المتسللون تسللوا داخلها لينفخوا في نارها و بذلك يفعلوا فعل العدو من خلال منهجية ” الاذاعة أو الخطاب الموجه بلغة الحلفاء ” وهي منهجية قديمة استعملها النازيون في الحرب العالمية الثانية ، عندما كان الالمان يرمون منشورات وسط شوارع أوروبا تهاجم ألمانيا و النازية ( كتمويه عن المصدر الحقيقي ) لكنها في نفس الوقت ، وهذا هو بيت القصيد ، تبخس و تهاجم سلطات دول الحلفاء المعادية للنازية وتتهمها بالكذب و أنها تواجه خسائر كبرى تخفيها عن الشعوب رغم أن النازية كانت في آخر أيامها آنذاك ، لكن يبقى الهدف هو استهداف المعنويات وبالتالي التأثير على التماسك و الثقة بين الدول و شعوبها كمحاولة لقلب المعادلة وميزان القوة .
فالاحتلال المغربي و أجهزة المخابرات الخارجية بالتحديد غيرت منذ سنوات من سياسة الاستهداف ، فبعدما كانت تفتح ابوابها لما يسمى ” العائدين ” بهدف البروبغندا ، وجدت أن ذلك لم يحقق الكثير لهذا أصبحت الرباط اليوم لا تستقبل أحد وإن استقبلته لن يحظى بأي امتيازات مادية ، لأن تلك الأموال التي كانت تخصص لاحتياجات العائدين ( منزل ، كرطية .. ااخ ) أضحت صندوقا يساهم في تمويل ما هو أكثر تأثيرا ، أي استهداف المخيمات من الداخل و خلق الاضطرابات والركوب على المشاكل ، حتى أن البعض إذا حاول الذهاب ك” عائد ” يُطلب منه البقاء في المخيمات و الاشتغال حسب توجيهات المخابرات المغربية و سيحصل على ضعف ما كان سيجني من وراء دخوله ك ” عائد ” ، أو بشكل آخر البقاء مدسوسا وسط المخيمات مع تنفيد المخططات العدائية وسيصله راتبه بشكل منتظم ” كرطية ” وهذا ليس بسر .
من المهم تنوير الرأي الوطني بهذه المخططات أو ما سمح بتناوله مكتوبا ، ومن المهم كذلك توعية شعبنا ” الطيب ” بأن ينظر للممارسة فليس كل من يقول ” الصحراء غربية و المغرب احتلال ( لكن واقعنا شين ويجب التمرد .. ) ” هو بالضرورة ” صديݣ ” فالسم المدسوس في العسل يتمثل في ما يأتي بعد ” ولكن ” تلك ، لهذا الحكم يكون بالممارسة و الفعل . فقد يوجد من يكتب للرأي وينتقد وممارسته مشرفة وميدانية وذاك قد لا يعنيه هذا القياس ، لكن بالمقابل هناك تسجيلات صوتية و كتابات هنا وهناك ، بعضها عابر للقارات ، أهلها عملاء تحت الطاولة لكن خطابهم ينطلق ب ” تحية لشهدائنا الابرار و الجبهة هي ممثلنا لكن … ) تقليدا لمنهجية ” الإذاعة الموجهة بلغة الحلفاء ” التي تحدثنا عنها في الفقرة الثالثة من حديثنا هذا .
واستغفر الله لي ولكم .
امبارك سيدأحمد مامين