خمسينية مقاتل
جمع محمد سالم أغراضه، وتفقد اوراقه، وتجهز للسفر، سأله صديقه إلى أين ان شاء الله، رد قائلا: سأغادر إلى المخيمات، يجب ان اكون هناك قبل عشرين الشهر.
وماهو السبب يسأله صديقه علي، هل لديك موعد ضروري او مناسبة، وأنا اعرفك جيدا، لم يكن هذا السفر مبرمج لديك منذ اسابيع كنت تحدثني عن العمل واشياء أخرى لا علاقة لها بالسفر.
هو في الحقيقة كان مقررا سلفا، ولكنني لم أبوح لك به، وهو في نفس الوقت ضروري جدا، وستعرف فيما بعد لماذا هو كذلك.
قطب على حاجبيه وقال في نفسه هذا شيء عظيم الذي يجبر محمد سالم على السفر، وهو لم يزور المخيمات منذ اكثر من اربع سنوات.
اذا كنت قادرا ان تقلني إلى محطة القطار غدا فجرا لأصل المطار مبكرا اكون شاكرا لك، هكذا قطع محمد سالم تفكير علي بطلبه هذا.
وافق الصديق فورا.
عند محطة القطار اخذ محمد سالم حقيبته الصغيرة، واستودع صديقه علي، ونزل بالسلم الآلي إلى محطة السكك، ينتظر قطاره المتجه إلى برشلونة.
وصل محمد سالم إلى المخيمات قادما من ديار الغربة، بعد غياب طويل، وجد ان الكثير من الأشياء تغير.
بعد أيام التحق بمركز الناحية الخلفي، وجد رفاق الدرب واندمج مباشرة في عمله، بعد إتمام كل الإجراءات اللازمة، كان هناك حراك غير عادي في المركز.
بعد أيام من التدريب، التحق محمد سالم ورفاقه بكتائب أخرى من الجيش الصحراوي، تتدرب للتحضير للحدث الكبير الذي ينتظره الجميع.
مرت الايام، واخذ محمد سالم رخصة يومين إلى المخيمات، وحينها اتصل بصديقه علي الذي عاتبه على التفريط، وسأله من جديد هل أنجزت ما ذهبت من أجله، فرد عليه قائلا قريبا ان شاء الله، وحينها سأتصل بك واخبرك بالموضوع.
ظل علي حائرا في أمر صديقه الذي لم يبح له بالموضوع، كان ينتظر في كل حين اتصالا او تسجيلا من صديقه الحميم، الذي صاحبه في الحلوة و المرة، منذ ان وصلا إلى ديار الغربة منذ سنوات.
التحق محمد سالم بكتيبته في ذلك الصباح بولاية اوسرد، ليعتلي احدى المدرعات، واضعا خوذته العسكريه، ومنتشقا سلاحه، وملتزما بضوابط السير، ومنسجما في استعراض، خلد خمسينيته مع طليعة كفاحه جبهة البوليساريو.
وفي بث مباشر تفاجئ على بصديقه في الاستعراض، وهو يتوسط مقدمة تلك المدرعة وحينها تذكر وفاء محمد سالم، وقال والله الان ادركت لماذا كان محمدسالم متكتما، وعرفت انه فعلا رجلا وفيا لوطنه وجيشه، وهو اليوم يطفئ شمعته الخمسين.
بعد الزوال رن هاتف علي، ورد قائلا اهلا صديقي الوفي، رد محمد سالم هل عرفت لماذا كنت مستعجلا.
رد علي تابعت الاستعراض وكنت رائعا، في قلب تلك العربة، بخوذتك وزيك العسكري الرائع.
نعم هو نداء الوطن، وانا فضلت ان احتفل بخمسينيتي بهذه الطريقة، وكان ذلك ما اتمناه، وقد تحقق لله الحمد من قبل ومن بعد.
بقلم بلاهي ولد عثمان
الصورة من استعراضات خمسينية البوليساريو