
جيل الاستقلال: 20 صحفيا صحراويا داخل البرلمان الأوروبي
جيلٌ جديد من الشباب الصحراوي يمكن أن يُسمّى “جيل الاستقلال”، يجمع بين الوعي السياسي والانفتاح الثقافي، ويحمل على عاتقه مهمة إيصال صوت الشعب الصحراوي إلى مختلف المحافل الدولية. هذا الجيل، الذي وُلد في ظروف الاحتلال واللجوء وفي المهجر، يعبّر اليوم عن وعيٍ جديد بالقضية الصحراوية يجمع بين الأصالة في الانتماء والتجديد في الوسائل، مستفيداً من الثورة الرقمية ووسائل الإعلام الحديثة والتمكّن من لغة العصر لتدويل القضية الوطنية وإيصالها إلى أقطار المعمورة. هذا ما شاهده العالم في ردة فعله السريعة على محاولة إدارة اترامب الالتفاف على حق تقرير مصير واستقلال الشعب الصحراوي.
نضال يتجاوز الحدود
ينتشر شباب “جيل الاستقلال” في مناطق متعددة من العالم، من مخيمات اللاجئين في تندوف إلى المدن المحتلة في الصحراء الغربية، وصولاً إلى الشتات في أوروبا وأمريكا. ورغم تباعد المسافات، يوحّدهم هدف واحد: الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، والتعريف بالقضية على نطاق عالمي. جيل لم يعش الحرب، لكنه يعيش الاحتلال كل يوم؛ يعيش اللجوء ويعيش الغربة، ويحمل هوية لا تُمحى، ورسالة لا يمكن إسكاتها مهما طال الزمن.
أنشطة ميدانية وإعلامية
أثبت هذا الجيل حضوره الفاعل في الساحة الدولية عبر مجموعة من المبادرات والأنشطة، من بينها:
• المشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية لحقوق الإنسان، حيث يقدم ناشطون صحراويون مداخلات وشهادات حول معاناة أبناء الصحراء الغربية تحت الاحتلال، ويرافعون في جنيف أمام مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كما يحملون الهم الصحراوي إلى نيويورك أمام اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، فضلاً عن التقارير الاحترافية التي يصدرونها بصفة دورية والتي تتسم بالدقة والموضوعية واللغة الرسمية.
• إطلاق مبادرات ثقافية وفنية في مدن أوروبية، تتضمن عروضاً لأفلام وثائقية ومعارض صور توثّق حياة اللاجئين والمقاومة المستمرة لشعب يأبى الاستسلام. شباب حمل القضية الى بلاد “الساموراي” الى اليابان حيث على امتداد ثلاثة أسابيع تعيش الجامعات ومراكز الدراسة ومقرات الصحافة المهمة، القضية الصحراوية عن قرب وعلى لسان واحد من “جيل الاستقلال” الطالب اعلي سالم الذي يتابع هذه الأيام إلقاء المحاضرات وتنظيم اللقاءات مع أهم الفاعلين في هذا البلد.
• شباب مستمر في المرافعة المتميزة عبر الفضائيات وغيرها من وسائط الإعلام الدولية عن القضية الصحراوية في وقت ينظم حملات رقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي واستغلال هذه النافدة لمواجهة دعاية المحتل المغربي وايصال صوت الصحراويين إلى الرأي العام الدولي.
• ضمن شبكات تضامن دولية يعمل هذا الشباب بدون ضجيج لدعم المشاريع الإنسانية في المخيمات، والترويج للثقافة والحرية والعادلة للشعب الصحراوي.
يوم الأربعاء 12 نوفمبر الجاري، ضمن الدبلوماسية الشعبية، يلج أبواب البرلمان الأوروبي عشرون صحفيا وكاتبا، أغلبهم من الشباب، ليملأوا عيون البرلمانيين الأوروبيين ويسجلوا بهذا الحضور من داخل قبة البرلمان الأوروبي رسالة الشعب الصحراوي الواضحة والمختصرة في أنها: “لا حلّ لقضية الصحراء الغربية إلا باحترام إرادة الصحراويين، ولا استغلال للثروات الطبيعية بدون موافق جبهة البوليساريو”
جيل يجمع بين الذاكرة والطموح
إن هذا الجيل “جيل الاستقلال” يمثل امتداداً طبيعياً لجيل المقاومة الأولى، لكنه يختلف عنه في أدواته ونهجه؛ ويؤكد أن النضال من أجل الاستقلال لا يقتصر على الميدان السياسي والعسكري، بل يشمل الدفاع عن الهوية الصحراوية، والذاكرة الجماعية، والحق في الكرامة. جيل وُلد في اللجوء، لكنه لم يفقد الأمل. يحمل ذاكرة الآباء وأحلام المستقبل، وسيواصل حتى يرى العلم الوطني مرفوعاً على أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب.
رسالة إلى العالم
يحمل “جيل الاستقلال” رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي: أن القضية الصحراوية ليست قضية جيل واحد، بل قضية أجيال تتعاقب على حمل المشعل، ما دام هناك شباب يؤمن بالحرية والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وبين صلابة الجيل القديم من الصحراويين وحماس الجيل الجديد، تتواصل مسيرة الكفاح الصحراوي بثبات، في انتظار فجرٍ تتحقق فيه العدالة والسلام على أرض الصحراء الغربية، والحرية والسلام لشعبها البطل.
بقلم: محمد فاضل الهيط



