يوسف محمد عبد القادر
في خطوة تحمل أبعادا سياسية ودبلوماسية لافتة، قدمت جبهة البوليساريو إلى الأمين العام للأمم المتحدة مقترحا جديدا يتضمن رؤيتها لإيجاد حل عادل ودائم لقضية الصحراء الغربية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي.
يأتي هذا التحرك في سياق إقليمي ودولي معقد، يتميز بتجدد النقاش داخل مجلس الأمن حول تمديد ولاية بعثة المينورسو، وتزايد الضغوط الدولية لإعادة إطلاق العملية السياسية المتوقفة منذ سنوات. وفي هذا الإطار، يمكن قراءة المقترح كرسالة سياسية مزدوجة: من جهة، تأكيد تمسك البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي بالمسار الأممي القائم على حق تقرير المصير، ومن جهة أخرى، تعبير عن استعدادها للانخراط في حل سياسي متفاوض عليه شريطة أن يفضي إلى ممارسة هذا الحق بصورة حرة وشفافة.
من الناحية السياسية، يعكس المقترح محاولة لإعادة ضبط بوصلة النقاش الدولي بعد أن طغت خلال السنوات الأخيرة أطروحات “الحكم الذاتي” كخيار وحيد مطروح من قبل المغرب وداعميه. إذ تسعى جبهة البوليساريو عبر هذا التحرك إلى تذكير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن جوهر النزاع لا يمكن حله خارج إطار تصفية الاستعمار وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
أما من الناحية الدبلوماسية، فإن توقيت تقديم المقترح قبل مناقشة مجلس الأمن لتجديد ولاية بعثة المينورسو ليس صدفة، بل يأتي في سياق محاولات الجبهة التأثير على مضمون القرار المرتقب، وتوجيه رسائل مفادها أن غياب إرادة حقيقية لتنفيذ الاستفتاء يهدد مصداقية الأمم المتحدة ودورها في تسوية النزاعات.
ويلاحظ أن المقترح لم يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تضمن أيضا بعدا استراتيجيا يتمثل في الدعوة إلى علاقات تعاون وسلام مستدام في المنطقة، وهو ما يعكس حرص جبهة البوليساريو على تقديم نفسها كفاعل مسؤول يسعى إلى الاستقرار الإقليمي، لا كطرف صدامي أو انعزالي.
في المحصلة، يعيد هذا المقترح فتح النقاش حول جوهر القضية الصحراوية ومآلاتها المحتملة، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار جديد: إما المضي قدما نحو حل حقيقي يضمن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير، أو الإبقاء على الوضع القائم بما يحمله من مخاطر على الأمن والسلم في منطقة المغرب العربي والساحل الإفريقي.
