
في ذكرى رحيله … *أول لقاء* …
في ذكرى رحيله ..
*أول لقاء ..*
في الصورة التي ألتقطت نوفمبر 2019 بالقطاع العملياتي الدوگج المحرر، اظهر أثناء تأدية العمل رفقة وزير الدفاع الراحل عبدالله لحبيب البلال وبيدللا محمد ابراهيم قائد الناحية العسكرية الأولى انذاك وهما يتجهان لتفقد فيالق ووحدات من الجيش في جولة تفتيش عسكرية عادية مبرمجة سنويا ..
توقفنا للمقيل ضواحي آغزومال، كنا مررنا قبل ذلك بالقطاعات العملياتية بالنواحي السادسة والخامسة والثانية والرابعة، كنت متعبا جدا فوضعت رأسي على التراب ونمت، كان ذلك خلال أول مرافقة لي للجيش ولم أكن أعرف وقتها وزير الدفاع الشخص الذي يترأس الجولة، كنت فقط منهمكا في عملي أراسل يوميا جميع الوسائط الرسمية والمستقلة وكنت الصحفي الوحيد الذي يرافق الجيش في تلك الجولة.
لم أكن من النوع الذي يسأل عن المسؤولين ولا من النوع الذي يتقرب منهم ابدا، لذلك كنت مركزا في عملي وفقط وكان يشغل كل وقتي مع السفر المتواصل، وبالكاد كنت أجد وقتا للنوم، كان وزير الدفاع الوطني وقتها عبدالله لحبيب البلال يستمع كل ليلة الى المذياع ويتابع نشرات الأخبار، وقد كان الرجل يعلم في نفس الوقت صعوبة الإتصال ومراسلة الوسائط الإعلامية من المناطق المحررة ولديه فكرة كافية عن ضعف تغطية شبكة الانترنت هناك ولكنه ومع ذلك كان يستمع وعلى غير العادة الى أنشطة الجولة العسكرية كل ليلة في المذياع وتأتيه روابط الأخبار التي أعد عنها على هاتفه بشكل يومي.
عندما توقفنا ذلك اليوم بضواحي أغزومال طلب الوزير أن يلتقي بالفريق الإعلامي الذي يرافق الجولة فقيل له أنه لا يوجد فريق وإنما صحفي واحد، فسألهم من هو فقيل له : فلان، قال لهم أريد أن أراه.
كنت أتعمد دائما أثناء تغطيتي لأي نشاط يحضره مسؤول، اتعمد الإبتعاد بالسيارة التي تقلني عن محيط القيادي ايا كانت مرتبته ليس كرها له او نفورا منه وإنما لأنني لا أحب عادة مجالسة المسؤولين بدون طلب منهم.
المهم .. توجه بنفسه الى حيث تتوقف سيارتنا ووجدني نائما على الأرض، فأخذ الصديق والأخ السالك مسكة الإعلامي العسكري التابع لمحافظة الجيش، أخذ يوقظني فطلب منه الوزير أن يتركني نائما لكن همسات الأصوات كانت قد أيقظتني بالفعل، فتحت عيني وكان الوزير واقفا أمامي ببذلته العسكرية، نهضت بسرعة ووضعت القبعة العسكرية على رأسي وألقيت عليه التحية فرد بمثلها وتقدم مني فضمني إليه وهو يسألني عن التعب وشكرني على العمل الجاد وقال لي وهو يبتسم : كنت أعتقد ان الجهد الاعلامي الكبير الذي يبذل معنا في هذه الجولة هو عمل فريق كامل قبل أن يخبروني أنك تعمل لوحدك، ثم أضاف هذا الجهد لا يقدر عليه إلا المقاتل، مضيفا القول انت من الأن مقاتل بيننا.
كانت هذه تفاصيل اول لقاء بيني والشهيد عبدالله لحبيب، لاحقا ستتحول هذه الصدفة التي جمعتنا الى ثقة كبيرة، لقد فتح لي الرجل ابواب المؤسسة العسكرية ومنحني شرف مرافقتها في كل الجولات اللاحقة كصحفي وحيد، هذا الشرف منحني فرصة أن راكمت أجمل وأعظم خبرة لدي في مسيرتي الإعلامية المتواضعة وكان أخرها أن نلت شرف أن كنت اول صحفي تطأ قدماه ميدان الشرف بعد 13 نوفمبر 2020.
وللأمانة لقد أحببت عبدالله لحبيب بكل صدق كرجل محترم ومخلص ومختلف وراقي، صارم ومتواضع.
فاللهم ارحم الشهيد وكل الشهداء وجازيهم عنا خير الجزاء ..
ملاحظة .. كان معي خلال هذه الجولة وقد حضروا لقائي هذا بالوزير اصدقاء من بينهم أخي الغالي السالك مسكة الذي رافقني عن المحافظة السياسية للجيش، كان معنا أيضا صديقي العزيز المقاتل المعروف بالباشا سائق السيارة التي تقلني كما كان معنا في ذلك اليوم عدد من اطارات المؤسسة العسكرية الذين كانوا يرافقون الوزير في ذلك الحين ..
عبداتي الرشيد