
قضية الصحراء الغربية .. الحل قد تفرضه المصالح الأمريكية الجزائرية المشتركة .
يبدو أن ما يروج له الإعلام المغربي حول الرسالة التي تلقاه العاهل المغربي من الرئيس الأمريكي والتي يزعم فيها تأكيد ترامب على السيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، وأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد للنزاع ، لا أثر لها في الواقع حسب بعض التحريات .
هذا من جهة ، من جهة أخرى نعلم جيدا أن مستشار الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، قد إستثنى المغرب من زيارته الأخيرة التي شملت فقط كل من ليبيا وتونس والجزائر ، وهذا الإستثناء يوحي بأن الولايات المتحدة وبالنظر الى التقارب الحاصل بينها والجزائر ، ربما تمارس ضغوطا على النظام المغربي لفرض قدر من التنازلات بغية التوصل الى حل يحفظ ما تبقى من ماء الشرعية الدولية ، ونحن نعلم أن المصالح الأمريكية هي السيدة في كل المواقف التي تتخذها ، وبالتالي فأمريكا وفي ظل تغول النفوذ الصيني والروسي في المنطقة ، ترى أن الجزائر بصفتها دولة محورية في المنطقة ومهمة إقتصاديا ، وفعالة أمنيا ، ولها وزن ثقيل في الدبلوماسية ، ترى أنها هي الكفيلة بحماية وتحقيق المصالح الأمريكية في شمال إفريقيا وفي الساحل والصحراء.
وبناء على ماسبق نستنتج أن المغرب يعاني من طغوط كبيرة وغير معلنة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وكانت هي السبب في تغير لهجة الخطاب الملكي ، الذي يستشف من خلاله أن الحكم الذاتي لم يعد هو الحل الوحيد ولا الأنسب للنزاع في الصحراء الغربية في نظر الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها المولع بالصفقات الإقتصادية في ظل الأمن والإستقرار ، ثم أن المغرب لم يعد يحظى بذلك الإهتمام الكبير من طرف أمريكا بعدما أصبحت تتربص به الأزمات في مختلف المجالات والمستويات ، وبعد ما بلغ التطبيع مع إسرائيل أوجه في كل مفاصل الدولة المغربية .
وبالتالي لم تعد أمريكا تخشى على إسرائيل من هذه الزاوية ، بل أن خشيتها عليها تكمن في قوة الجزائر ، وعليه فأمريكا تسعى الى كسب ود هذه الأخيرة وفرض الإستقرار في المنطقة ضمانا للمصالح الأمريكية الجزائرية المشتركة ، وبشكل لا يهدد التواجد الإسرائيلي في المغرب .
وفي هذه الحالة تكون الجزائر قد تركت المغرب لحاله في دوامة من الصراعات تتنازعه فيها أوضاعه الداخلية الخانقة وكماشة فرنسا من جهة والكماشة الإسرائيلية من جهة أخرى ، هذا في الوقت الذي يخسر فيه رويدا رويدا نزاع الصحراء الغربية الذي كلفه سنوات عديدة من التخلف والتداعي والإنهيار في آخر المطاف “والله لا يكلع شوكة من بزت العريان” على رأي الشعب الصحراوي الذي شرد من بلده ظلما وعدوانا ، وقاوم وصمد طيلة أزيد من خمسين عاما من اللجوء والتشريد والمعاناة ، إيمانا منه بعدالة قضيته وبحقه المشروع في الوجود والتميز .
بقلم : محمد حسنة الطالب