كتاب وآراء

قراءة في إحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إستيفان دي مستورا

بلاهي ولد عثمان

ركز المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيد ستيفان دي مستورا في إحاطته، التي قدمها يوم الإثنين 14 أبريل الجاري، أمام مجلس الأمن الدولي، على حدثين أساسيين، ربط بهما تقريره الذي كان من المنتظر أن يشمل تطورات القضية على مدى ستة أشهر من أكتوبر 2024 الى أبريل 2025، وبين أكتوبر وأبريل تمتد معاناة الشعب الصحراوي، ويستمر كفاحه على مختلف الأصعدة العسكرية والدبلوماسية والإجتماعية والسياسية القارية والإقليمية والدولية.

إذ ركز دي ميستورا على زيارة وزير الإحتلال في الثامن من أبريل الجاري إلى واشنطن، ولقائه بنظيره الأمريكي روبيرو الذي أكد على موقف إدارة ترامب، المتخذ من جانب واحد في ديسمبر 2020، وهذا موقف أمريكي قديم جددته الإدارة الجديدة القديمة لترامب، ويجب أن لا يبنى عليه تقرير مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في نزاع أكدت الأمم المتحدة في أكثر من قرار أنها ملتزمة بتصفية الإستعمار في الصحراء الغربية وفق القرار 1514 القاضي بذلك منذ ستينيات القرن الماضي، وليس هناك جديد في تغيير موقف الأمم المتحدة حول الموضوع.

وأكد أيضا على نقطة أخرى لا تختلف كثيرا عن سابقتها، وهي زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان بارو في 6 أبريل إلى الجزائر من أجل كسر الجمود بين البلدين، وأسترسل دي مستورا في تحليله حول العلاقات الجزائرية المغربية، وتأثيرها المباشر في عرقلة إيجاد حل للنزاع في محابات واضحة للموقف المغربي والفرنسي، من أجل أن يقول لنا ان المغرب غير راض وغير قابل للتفاوض مع جبهة البوليساريو، وهدفه ومن ورائه فرنسا حشر الجزائر في مفاوضات مباشرة للوصول إلى حل نهائي أقصى ما يرى فيه المغرب حكم ذاتي يعتمد على عمالة مغربية كباقي أقاليم المغرب التي لاتتمتع بأية نوع من الإستقلال عن قصر الرباط سوى في البعد الجغرافي.

ويقدم دي مستورا خلال تحليله هذا ثلاثة رسائل مبطنة، حاول إخفائها في عبارات صريحة وهي:

– الأولى : ( أن الحكم الذاتي يجب أن يكون “جاداً”)، وهو أمر مستبعد لأن الإحتلال المغربي غير جاد في طرح هذا الحل، وإنما يريد به ربح الوقت والمراوغة السياسية.

– الرسالة الثانية (تتعلق بضرورة “حل مقبول للطرفين”) ويعرف دي مستورا نفسه والأمم المتحدة من ورائه ومجلس الأمن ، أنه لم يكن هناك أي حل متفق عليه سوى إستفتاء تقرير المصير الذي وقع عليه الطرفين منذ عدة عقود في سبتمبر 1991.

– والرسالة الثالثة: و(تؤكد أن الإدارة الأمريكية الجديدة تعتزم الإنخراط المباشر في تسهيل التوصل إلى حل متفق عليه)، وترى هذه الإدارة أن الحكم الذاتي هو الحل من خلال دعمها الأخير ورسائلها المباشرة للإحتلال المغربي، الا إذا كان هناك جديد في موقف الإدارة الأمريكية.

إن المتأمل لهذه الرسائل، يستنتج ان المبعوث الشخصي لم يأتي بجديد بقدر ما جاء بالموقف الأمريكي بحذافره، والمدعوم فرنسيا، ووضعه أمام مجلس الأمن في تأكيد منه على الأطروحة المغربية المتعلقة بحل الحكم الذاتي، الذي لم يقدم المغرب تفاصيله والتي طالبت بها الأمم المتحدة مرارا وتكرارا.

من خلال قراءتي لهذه الإحاطة لم أقف على أي فقرة خاصة بجبهة البوليساريو، سوى قوله أن الأمين العام لجبهة البوليساريو يعبر عن مخاوفه المعروفة، حسب تعبير دي مستورا مثل وزير خارجية المغرب ووزير الخارجية الجزائري.
ومن جانب آخر وقف دي مستورا على حقيقة الأمر بالنسبة للشباب والنساء الصحراويات في مخيمات اللجوء، وأكد على نفاد صبرهم، وهذا جانب إنساني مهم حيث قال بالحرف الواحد:

(سمعتُ تعبيرات كثيرة عن اليأس والنفاد والصبر، لا سيما من الجيل الشاب من اللاجئين الصحراويين، الذين يزدادون تململاً.
‏قالت لي شابة إنها وُلدت في المخيمات ولم تعرف واقعاً آخر طوال حياتها. وأضافت أنها دفنت جدّيها ووالديها هناك.
‏ثم قالت لي هذه العبارة المؤلمة:

‏“عندما أموت، لا أريد أن أُدفن هنا. أريد أن أرى وطني، وأن أُدفن هناك.”).

واختتم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيد ستيفان دي مستورا إحاطته، من خلال إصراره على إيجاد حل نهائي ودائم لهذا النزاع الذي عمر طويلا، والعمل على تسهيل هذا المسار، بموافقة الأمين العام، مؤكدا انه لا يزال ملتزما بمسؤولياته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق