مقالات

تحضيرات البوليساريو للحرب تضع الإحتلال وأعوانه في مأزق!

محمد حسنة الطالب 

بعد الإعلان عن بدء التحضير للحرب من طرف الرئيس الصحراوي ، الأمين العام لجبهة البوليساريو ، صمتت الببغاوات التي لا تقرأ ما وراء الأحداث ، وكانت تنتقد في كل مرة الجمود الحاصل في مخطط السلام الأممي ، بنية المزايدة فقط ومحاولة تأليب الشعب الصحراوي على قيادته الوطنية  ، وهو مالم تفلح فيه هذه الببغاوات رغم مايتلقاه بعضها من أموال طائلة من قبل المخابرات المغربية ، التي تجندها في إطار الدعاية الهدامة والأعمال الخسيسة .
إذا عادت الحرب ، سيظهر المغردون خارج السرب على حقيقتهم ، وسيندمون على نقدهم السلبي وتوجههم المعاكس لمصلحة كيانهم الوطني ، كما ندم ابو الطيب المتنبي حين قال :
الخيل والليل والبيداء تعرفني
                    والرمح والقرطاس والقلم
وكان أن دفع ثمن تبجحه هذا ، بعد أن أدبر في أول معركة له ، حتى ذكره أحد قراء شعره بما إدعاه من بطولة وزعامة ، ليقبل في الأخير مكرها على القتال حتى الموت .
يقول المثل الحساني : ” اللي ماهو فالغزي ارجيل ” وهذا هو حال كل الإنتهازيين وبائعي ضمائرهم وكرامتهم مقابل الخسة والنذالة ، سيختفي هؤلاء الجبناء عندما تدق ساعة الحقيقة ، من واقع لا مكان فيه إلا للمخلصين الذين يسترخصون حياتهم دفاعا عن الكرامة والشرف ، وسيحرج هؤلاء المزايدون الأنذال ، على غير ما عهدوا به من ثررة بلا حدود ، وكتابات سلبية تهدم ولا تبن ، وهم الذين إشتراهم العدو كعبيد بأموال لن تعيد لهم حريتهم ولا كرامتهم المسلوبة مهما بلغوا من الثراء .
على العكس من هؤلاء المرتدين الإنتهازيين ، تجد الأحرار أصحاب الشهامة والسمو يخدمون أنفسهم ويتدبرون أحوالهم بعفة ونزاهة ، ويحرصون فوق كل ذلك على مبادءهم السامية وقيمهم النبيلة تجاه شعبهم ووطنهم ، وهكذا شكلت كل هذه القيم وازعا عظيما يعزز لحمة التلاحم والتعاضد بين الصحراويبن الأوفياء كلما طالتهم الشدائد أو لحقت بهم المحن ، وهذا ما يغيب اليوم عن الخوارج عن صف المقاومة والنصال ، مع العلم أن النظام الصحراوي متسامح إلى أبعد الحدود مع أبنائه ، ولطالما نادى بحاجته الماسة إليهم جميعا دون إستثناء أو تمييز ، وفي هذه الحالة يصدق المثل الحساني القائل :
” ماهو أصديگ الماجابو أرغاها يوم ززها ويوم أطلاها “
ماكان للإحتلال المغربي أن يصمد في وجه الصحراويبن ، لولا التخاذل الحاصل من قبل بعضهم ، ومن قبل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، وتضافر كل هذه المعطيات في الواقع مع التعنت المغربي ومنهجيته في التلاعب بقرارات الشرعية الدولية ورهانه على مضيعة المزيد من الوقت .
 إن التقصير في أداء الواجب والتخاذل الذي أخذ ينتشر عند بعض الصحراويبن ، تحت مبررات غير مقنعة ، منها طول الإنتظار ، وأن القيادة لم تفعل شيئا من أجل الحل ، هي ظواهر سلبية إستغلها العدو للنيل من معنويات الصحراويين وإطالة مأساتهم ، وكأني بلسان حال الذين تأثروا بهذا الوضع ، يقول بأن الثورة الصحراوية لم تكن طويلة الأمد ، وأن قيادتنا التي إجتازت بنا أحلك الظروف ، وأسوء المطبات ، لم تكن مخلصة !
إني لأعجب من حال هؤلاء ، الذين لا يقرأون الأحداث في سياقها ، وبالتالي يتنكرون للإنتصارات المحققة طيلة فترة اللا حرب واللا سلم ، وعلى مختلف الواجهات ، فأين هؤلاء من نضال جماهير إنتفاضة الإستقلال ، وما سطرته من ملاحم بطولية سلمية ، هزت كيان العدو وبعثرت كل أوراقه ورهاناته  ! أين هؤلاء من أحداث أگديم إيزيك ، الأيقونة التي علمت الشعوب المظلومة كيف تثور على الطغاة متى صح منها العزم ؟ وأين هم من مظاهارات الرابع ماي العظيمة التي خرجت فيها الجماهير الصحراوية عن بكرة أبيها الى شوارع العيون المحتلة حاملة الأعلام الوطنية ومنددة بالسياسات الهمجية للمحتل ، والمتمثلة في الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الصحراوي ، وفي النهب الممنهج لثروات الصحراء الغربية وتشريد أغلب الصحراويين خارج وطنهم ؟
أين المتخاذلون والمتشائمون ، من الإنتصارات الجبارة والمكانة المرموقة التي حققتها الدولة الصحراوية ، في إطار الإتحاد الإفريقي ، وشراكاته المختلفة ؟ أين هؤلاء من نتائج المعركة القانونية التي توجت بقرار محكمة العدل الأوروبية ، الذي كاد أن يحدث شرخا كبيرا بين المحتل والإتحاد الأوروبي لولا لعبة المصالح التي طغت على العدالة الدولية ؟ أين المنافقون ، من المتاعب التي سببتها الدولة الصحراوية للمغرب عند إعلان رغبته في الإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي ؟ وأين هم من مصادقته  على الميثاق التأسيسي لهذا الإتحاد والضمانات التي قدمها مكرها لذلك ؟ وكانت إعترافا ضمنيا وتكذيبا فاضحا لإدعاءاته ومغالطاته الواهية ، لا بل كانت نصرا ساحقا للدولة الصحراوية ، التي أصبحت تحرج وفود الإحتلال بالحضور إلى جانبها في مختلف المناسبات والمحافل الدولية ، وتصرفات بوريطة في قمة الشراكة للإتحاد الإفريقي مع اليابان وغيرها ، مازالت لم تغب عن الأذهان ، وإنزواء العثماني في الصورة التي حظي فيها الرئيس الصحراوي بالإحترام والتقدير من قبل الرؤساء والوفود التي حضرت تنصيب رئيس بناما ، مازالت تحكي النكسات المتتالية للنظام المغربي الجائر .
الأحداث كثيرة والمكاسب عملاقة ، ولا ينكرها إلا من كان جاحدا أو عميلا للعدو ، والغريب في الأمر أن المغاربة أنفسهم ما عادوا يثقون في أكاذيب المخزن وفبركاته للأمور ، فكيف ببني جلدتنا نحن الصحراويون تصديقها وإيهام الآخرين بها ؟ شئ مخجل حقا ، ليس من عادة الأحرار الترويج لسلع متعفنة وبائرة ؟ ولكنهم الخونة يستثمرون دائما في سوق النخاسة والمذلة .
أما ونحن على شفير الحرب ، فإني أكد لأبطالنا الأشاوس ، ولكل الغيورين المندفعين للشهادة من أجل قضية شعبنا العادلة مايلي :
– ستشكل عودة الحرب بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية ، غيرة وإجماعا منقطع النظير لدى الصحراويين ، وإلتفافا حول العهد والمصير المشترك ، وستزيد من إصرارهم على استرجاع حقوقهم المسلوبة .
– سيختفي الخونة من المشهد وسيغيرون من أسلوبهم التخريبي ، وسيأتون بخطة بديلة ، يجب التنبه لها والحيطة والحذر منها .
– ستتقلص طموحات الإنتهازيين في المطالبة بالمناصب والمسؤوليات ، ولقد علمتنا تجارب الحرب السابقة أن المسؤول والإطار يجب أن يكون دائما في الطليعة مثالا وقدوة ، أي يجب أن ” يموت في لعماير اللولات ” على رأي الصحراويين ، وفي ذلك كناية على الشجاعة والإقدام ، التي لايحسنها المتمصلحون بتاتا .
– سيغادر أصحاب الكسب الحرام على حساب الشعب ، إن لم يكونوا قد تدبروا أمرهم منذ أن خامرتهم المادة وغيرت قناعاتهم وصبغت في قلوبهم إلى الأبد .
– على الجانب الآخر من جدار الذل والعار ، ستتعزز نضالات جماهير إنتفاضة الإستقلال ، وستبوح بأحدث صور المقاومة والصمود وأنجعها ، وستتناغم مع لعلعة الرصاص ، وستفتح الباب على مصراعيه لكل من به ذرة كرامة وإرادة في التحرر من ربق الظلم والطغيان ، ولن يشكل المغاربة المغلوب على أمرهم إستثناء في هذا الصدد .
– هناك أيضا ستتضح معالم معركة حقوق الإنسان ، وستبوح بوضوح وجلاء بكل الإنتهاكات والتجاوزات المعتم عليها منذ زمن من طرف المخزن ، كذلك ستخرج المنطقة عن سيطرة المحتل ، وستعرف إنفتاحا أمام الصحافة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها ، وحينذاك ستسقط ورقة التوت عن الملكية في المغرب وعن سياساتها الرعناء وسيكشف ما كان عن العالم في الظلام .
أولى النتائج التي سيؤول إليها الوضع في المنطقة عموما عند نشوب الحرب ستكون كمايلي :
– ثورة عارمة في المغرب قد تطيح بالنظام الملكي المتغطرس ، وستعجز فرنسا عن صدها مثلما عجزت عن صد أصحاب السترات الصفراء .
– وصمة عار على جبين الأمم المتحدة ، تؤكد فشلها الذريع في المنطقة ، وبأنها كانت مجرد أداة لخدمة مصالح الدول العظمى فقط .
– غياب مفهوم العدالة الدولية تماما من المواثيق والقرارات الدولية ، والتمكين لشريعة الغاب ، التي لا مكان فيها إلا للأقوى ، وعندها لن يكون أمام الضعفاء إلا التكتل والتحالف مع من يناسبهم من الأقوياء .
– أخيرا وطبقا لمعطيات الحرب في الصحراء الغربية ، وحالة المقاومة الشعبية داخلها ، فإن ما سبق وأن أثبته جيش التحرير الشعبي الصحراوي من شجاعة وقوة ، وما أبانت عنه إنتفاضة الإستقلال من مقاومة سلمية أبهرت العالم ، كفيل بتحقيق إرادة الشعب الصحراوي في الحرية والإستقلال ، رغما عن الأحتلال وأعوانه ، وغصبا عن أتباعه من الخونة والمرتدين ، والأيام بيننا إذا ما الكريهة ولت وولولت بأوزارها.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تحضيرات البوليساريو للحرب تضع الإحتلال وأعوانه في مأزق!

by رابطة الصحفيين time to read: <1 min
0
إغلاق