كتاب وآراءمقالات

البوليساريو .. عدالة قضية وشرعية قانونية تنفي شبهة الإرهاب.

بقلم محمد حسنة الطالب

تأسست البوليساريو بناء على معطيات تاريخية ، جغرافية وديمغرافية ثبتتها الشرعية الدولية منذ العام 1963 ، من خلال قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) لعام 1960 ، الذي يُعرف بـ “إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة” ، والذي أعلن ضرورة إنهاء الاستعمار بسرعة وبدون قيد أو شرط .

هذا القرار يدعمه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام (1966) ، والذي تنص المادة الأولى منه صراحةً على أن “لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها غير القابل للتصرف ” والذي يبيح لها حرية التصرف في مواردها الطبيعية .

أن الدور الذي لعبته جبهة البوليساريو على هذا الأساس ، ساهم بما لايدع مجالا للشك في تعزيز الشرعية القانونية لقضية الصحراء الغربية على عدة مستويات، بوصفها قضية تصفية إستعمار ، وهو ما يضع منظمة الأمم المتحدة اليوم بكل هيئاتها أمام مسؤولياتها التاريخية إن هي تفاعلت مع قانون الغاب ، الذي تحاول بعض القوى الدولية العظمى تفعيله ظلما وعدوانا ، كالولايات المتحدة الأمريكية ، فرنسا وبريطانيا ، ودول أخرى منزوعة الإرادة بحكم تبعيتها العمياء لهذا الثالوث المارق .

إن قرار محكمة العدل الدولية المعروف بالرأي الإستشاري الصادر في 16 أكتوبر 1975 في أعقاب النتائج التي توصلت إليها لجنة تقصي الحقائق الأممية التي زارت الصحراء الغربية في 12 ماي 1975 ،صار أساسا قانونية ومرجعية شرعية للقضية الصحراوية ، وعلى ضوءه أعتمدت جبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي لدى الأمم المتحدة ، وهو ما أهلها للمنافحة عن حق هذا الشعب وإرادته الراسخة في الحرية والاستقلال ، بل وعزز من حضورها على الساحة الدولية ، ذلك الحضور والمسار النضالي الفعال الذي توج بإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كإطار جامع لكل الصحراويين في 27 فبراير 1976 ، وفرض وجودها كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 ، وجعل المملكة المغربية تخرح من هذه المنظمة مكرهة بفعل عدالة القضية الصحراوية ومجريات والواقع .

هذا ولقد تطور الأداء السياسي والدبلوماسي لجبهة البوليساريو بعد ذلك ، عندما أصبحت الدولة الصحراوية عضوا مؤسسا في الإتحاد الإفريقي منذ تأسيسه في 9 يونيو 2002 ، وإنطلاقا من هذا الإطار فرضت البوليساريو على الإحتلال المغربي عزلة خانقة مرة أخرى ، جعلته يغرد خارج السرب ويترنح تارة بين محاولة الإنضمام الى دول الخليج بإعتباره مملكة ، وتارة أخرى بين الإنضمام الى الإتحاد الأوروبي بحكم التقارب الجغرافي ، وبعد أن فشلت كل هذه المحاولات وغيرها ، خر ساجدا في العام 2017 يتلمس الإنضمام الى الإتحاد الإفريقي ، وأي إنضمام ذلك الذي كلفه الإعتراف ضمنيا بالدولة الصحراوية ، عندما وقع على الميثاق التأسيسي لهذا الإتحاد بظهير ملكي يعتمد خريطة المغرب غداة الإستقلال التي لا تشمل الصحراء الغربية كأحد شروط الإنضمام .

ورغم نية النظام المغربي التي سوقها لشعبه بخصوص طرد الدولة الصحراوي من هذا الإتحاد ، إلا أنه وبدلا من ذلك صار يشارك مرغما الى جانبها في مختلف الفعاليات وقمم الشراكة التي تجمع الإتحاد الإفريقي بمختلف الدول والهيئات والمنظمات الدولية ، ولكن بتصرفات صبيانيه تعتمد على دبلوماسية الاستفزاز وإثارة الفوضى ومحاولة الحصول على ما عجز عن تحصيله بالطرق القانونية الشرعية .

إن الشرعية التي إكتسبتها جبهة البوليساريو منذ بداية تأسيسها ، صارت مرجعية يعتد بها أمام مختلف المحاكم والهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية ، ولعل ما أقرت به محكمة العدل الأوروبية بخصوص جميع المكاسب التي تحققت في 2016 و2018 كأساس لا يمكن المساس به, يؤكد أن الصحراء الغربية تتمتع بوضع منفصل ومستقل عن الأراضي المغربية و أن الشعب الصحراوي يشكل طرفا ثالثا في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ولا بد من موافقته ، وبعد ذلك وبالإشارة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 34/37, أيدت الغرفة العليا أحكام المحكمة الأوروبية العامة وقضت بأن جبهة البوليساريو تمتلك الأهلية القانونية للتقاضي أمام محاكم الاتحاد الأوروبي, وهو ما مكن الشعب الصحراوي اليوم من وسيلة مضمونة للوصول إلى قضاء الاتحاد الأوروبي ، للطعن في أي قضية تتعلق بالسلامة الترابية للصحراء الغربية أو بإستغلال مواردها الطبيعية بطريقة غير قانونية ، وهو ما سيمنع أي تلاعب أو تحايل في المستقبل على إرادة الشعب الصحراوي وأحكام القضاء”.

وبناء على كل ما سبق وبالنظر الى المسار النضالي والكفاحي النظيف لجبهة البوليساريو ، فإن هذه الأخيرة لم ترتكب أية تصرفات عدائية خارج القانون ، كالمعاملات التعسفية والتعذيب والتصفية الجسدية ، ومختلف أشكال الإبادة والدمار ، بل أن كل جهدها كان ومازال منصبا على الجبهة العسكرية في إطار الدفاع عن النفس وفرض إرادة الشعب الصحراوي سلما ، أو بالقتال من خلال خيار الكفاح المسلح الذي أعلنت عنه منذ تأسيسها في 10 ماي 1973 ، وإنتهجته أسلوبا في ال 20 ماي من نفس السنة ، وهو ما فرض على الملك المغربي آنذاك الحسن الثاني الرضوخ للتسوية الأممية الإفريقية ، بعد 16 عاما من الحرب الضروس ، توجت بقبوله في آخر المطاف بخطة الإستفتاء التي مازالت تمثلها الى اليوم بعثة المينورصو من خلال تواجدها المتجدد في الصحراء الغربية .

وإعتبارا لما سبق ذكره ، يمكن لأي كان أن يتساءل ، على أي أساس يمكن تصنيف جبهة البوليساريو كحركة إرهابية وهي المعترف بها من قبل الأمم المتحدة كحركة تحرير شرعية بكل المقاييس ؟

هل فشل النظام المغربي التوسعي وإستناده الى الباطل في قضية الصحراء الغربية ، هو الذي دفع به إلى إنتهاج أساليب ظالمة أخرى ، يعتقد أنها ستألب العالم على جبهة البوليساريو ، وعلى قرارات ومواثيق الشرعية الدولية الصادرة بخصوص هذه القضية ؟

بناء على هذين السؤالين ، يتضح للقاصي والداني وبما لا يدع مجالا للشك ، أن المغرب قوة إحتلال فاقدة للحجة والدليل ، وأن الحق باق ولو دارت عليه الأيام لأكثر من خمسين سنة أخرى في الصحراء الغربية .

بقلم : محمد حسنة الطالب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

البوليساريو .. عدالة قضية وشرعية قانونية تنفي شبهة الإرهاب.

by liga time to read: <1 min
0
إغلاق