
استقبال غزواني للوفد الصحراوي: الثقة المتبادلة وعمق الشراكة الاستراتيجية بين موريتانيا وشقيقتها الجمهورية العربية الصحراوية
مولاي إبراهيم ولد مولاي أمحمد
في مشهد يعكس تميز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني وفدًا رفيع المستوى من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، برئاسة رئيس المجلس الوطني الصحراوي السيد حمة سلامة، وضم الوفد شخصيات أمنية وعسكرية بارزة.
هذا الاستقبال الرسمي يكتسب أهمية خاصة، سواء على المستوى الرمزي أو العملي، إذ يحمل في طياته رسائل متعددة الأبعاد.
الاستقبال من طرف أعلى هرم في الدولة الموريتانية، وبهذا المستوى من الحفاوة، يُعد تعبيرًا صريحًا عن متانة العلاقات بين نواكشوط والجمهورية الصحراوية.
كما يشكل ردًا غير مباشر على الحملات الإعلامية المغرضة التي تسعى للتشكيك في العلاقة بين البلدين، خصوصًا من طرف الإعلام المغربي الذي يحاول بث الفُرقة وتصوير الموقف الموريتاني على أنه “محايد” يميل في بعض الأحيان نحو الرباط.
مرافقة الوفد الصحراوي لشخصيات عسكرية وأمنية رفيعة تؤكد أن اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فقط، بل يعكس وجود تنسيق عملي مشترك في ملفات حساسة، وعلى رأسها أمن الحدود المشتركة والتصدي للتهديدات الإرهابية والجريمة العابرة للحدود. هذا التقارب الأمني يعكس مدى ثقة موريتانيا في نوايا القيادة الصحراوية، ويؤكد على عمق الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.
اللقاء أيضًا يأتي في ظل محاولات إقليمية لإعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، ويظهر أن موريتانيا تمضي بثبات نحو سياسة خارجية مستقلة، تضع مصالحها أولًا، وتعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، بما في ذلك الشعب الصحراوي. وبالتالي، فإن هذا اللقاء يبعث برسالة إلى من يعنيهم الأمر بأن القضية الصحراوية لا تزال حاضرة وبقوة في المعادلات الإقليمية.
وفي وقت تسعى آلة الدعاية المغربية منذ سنوات إلى تصوير تقارب موريتانيا والجمهورية الصحراوية على أنه مجرد توازن شكلي، في محاولة لتقويض شرعية الدولة الصحراوية وتقليص حضورها الدبلوماسي في المنطقة. لكن استقبال الرئيس غزواني لوفد صحراوي رفيع المستوى، وفي هذا التوقيت بالذات، ينسف تلك الدعاية ويفضح هشاشتها، ويؤكد أن نواكشوط تعتبر الجمهورية الصحراوية شريكًا واقعيًا لا يمكن تجاهله.
ومن هنا يمكن القول أن الاستقبال الرسمي من طرف الرئيس الموريتاني لوفد الجمهورية الصحراوية يحمل دلالات سياسية واستراتيجية كبيرة، تعكس عمق العلاقة بين البلدين، وتعزز من التعاون الأمني والعسكري بينهما. كما يُعد صفعة دبلوماسية للمحتل المغربي، ورسالة تأكيد بأن الشعوب الحرة لا تنخدع بأوهام الدعاية الكاذبة، وأن العلاقات التي تبنى على الاحترام والسيادة المشتركة لا يمكن زعزعتها.