كتاب وآراء

في رحاب اللهجة الحسانية 1

الدكتور غالي الزبير

اللهجة الحسانية هي أحد اللهجات العربية المنطوقة في الصحراء الغربية في مفهومها الجغرافي والتاريخي الواسع حيث تنتشر فضلاً عن الساقية الحمراء ووادي الذهب في موريتانيا وجنوب المغرب وجنوب غرب الجزائر وشمال مالي ولها تاثير واضح في بعض مناطق السينغال والنيجر.

تنسب الحسانية إلى قبائل بني حسان الذين مثلوا أكثر الهجرات العربية تأثيراً في المنطقة واهبينها وجهها العربي الذي نعرفه اليوم والذين قدموا من شبه الجزيرة مروراً بصعيد مصر مع حلفاءهم من بني هلال وبني سليم ضمن التغريبة المشهورة في التراث العربي.

وقد نتج عن أمتزاج لغة العرب القادمين من الشرق مع لغة البربر من صنهاجة الملثمين من جهة والعناصر الأفريقية الزنجية تكون لهجة جديدة هي اللهجة الحسانية التي تمثل عملية انصهار ثقافي ولغوي فريد يحتوي على عناصر اصطلاحية وتركيبية وصوتية مستمدة من موروث كل تلك العناصر والمجموعات الأثنية واللسانية المتعددة.

بين الحسانية واللهجات العربية:
قبل اعطاء أمثلة لأوجه التشابه بين الحسانية وشقيقاتها من اللهجات العربية سيكون من المفيد استدعاء التاريخ لتفسير هذا التشابه ومحاولة ولوج مدخل جديد لفهم اللهجة (اللغة) من خلال اعادة قراءة التاريخ وربما الأنساب والسلالات أيضاً.

يصف العالم الجغرافي والرحالة الأندلسي الحسن الوزان المشهور باسم ” ليون الأفريقي” في كتابه “وصف أفريقيا” بصورة تفصيلية رحلة عرب المعقل ومنهم بنو حسان الذين تنسب إليهم اللهجةالحسانية وحلفاءهم من بني هلال وبني سليم من موطنهم بنجد ومكوثهم الطويل بصعيد مصر ثم هجرتهم إلى بلاد المغرب العربي واستقرارهم في الصحراء الغربية وموريتانيا، وهو الموضوع الذي خصه بتحليل معمق الباحث الإسباني المتخصص في الصحراء الغربية كارو باروخا ضمن دراسة نشرتها مجلة “افريقيا” الصادرة في مدريد في ستتينيات القرن الماضي.

ونستطيع أن نتتبع انعكاس هذه الرحلة التاريخية في التشابه، بل والتطابق أحياناً بين اللهجة الحسانيةواللهجات العربية خاصة في الجزيرة العربية (نجد والحجاز والخليج العربي) وفي مصر وغيرها وهو ما سنعرض له في التدوينات اللاحقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق