كتاب وآراء

نادي “نهضة بركان” المغربي والتوظيف السياسي المفضوح.

أريد أن أوضح عدة نقاط بخصوص الخريطة المزعومة من طرف النظام الملكي المغربي والتي تضم أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بغير وجه حق ، تلك الخريطة المزورة وغير الموثقة لدى الأمم المتحدة ولا لدى الإتحاد الإفريقي ، وغير المعترف بها دوليا ، والتي وظفها رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم فوزي لقجع بسذاجة سياسية في الرياضة ، معتمدا في ذلك على نفوذه داخل “الكاف” ، وجاعلا أتباعه من الشعب المغربي المغلوب على أمره يغردون بها كذبا وبهتانا ، وهم الذين سبق وأن زج بهم نظامهم الطاغي في قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، ولعل إرغامهم على تبني إحتلاله للصحراء الغربية منذ العام 1975 ، وعلى تطبيعه للعلاقات في ما بعد مع إسرائيل – العدو اللدود للأمة العربية والإسلامية – خير دليل على ذلك .

ولكي تنجلي غيوم الكذب والإفتراء التي تتلبد بها السياسة التوسعية للنظام الملكي المغربي في كل مرة ، وتجعلها تتجاوز كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية ، تماما على غرار ما تقوم به إسرائيل منذ أن إحتلت فلسطين الشقيقة عام 1948، وجب توضيح بعض الحقائق التي لا غبار عليها بخصوص الصحراء الغربية المستعمرة الإسبانية السابقة، وأرض الشعب الصحراوي بلا منازع ، التي أعلن الكفاح المسلح في 20 ماي 1973 من أجل تحريرها من إسبانيا ، وإستطاع هذا الشعب الأبي إخراج هذه الأخيرة صاغرة يوم 26 فبراير 1976 وإعلان دولته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في اليوم الموالي من نفس الشهر والسنة ، غير أن أطماع النظام المغربي التوسعي في منطقة شمال غرب إفريقيا ، جعلته يسابق الزمن ويغزو الصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975 ، أياما قليلة بعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بلاهاي في 16 أكتوبر 1975 ، والذي جاء بناء على النتائج التي توصلت لها بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية، حيث أثبت هذا الرأي الاستشاري عدم وجود أي روابط تاريخية بين المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية من جهة وسكان الصحراء الغربية من جهة أخرى ، وبذلك إتضحت شرعية القضية الوطنية للصحراويين من الناحية القانونية والتاريخية والحدود الجغرافية المعروفة دوليا ، وعليه نطرح هذه الأسئلة المنطقية التالية لكل من مازال لديه شك أو به حول عن حقيقة الواقع في الصحراء الغربية :

أولا : لو كانت الصحراء الغربية أرض مغربية لما وقع النظام المغربي على الميثاق التأسيسي للإتحاد الإفريقي وبظهير ملكي متبنيا خريطته الأصلية المعروفة غداة الإستقلال والموثقة الى حد الساعة لدى الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والتي لا تضم أراضي الصحراء الغربية إطلاقا .

ثانيا : لو كانت الصحراء الغربية أرض مغربية وحررها المغرب من إسبانيا التي إحتلتها منذ العام 1884 ، فليتفضل لنا مؤرخ أو باحث أو أي مواطن مغربي بذكر عملية عسكرية واحدة خاضها المغرب ضد إسبانيا من أجل تحرير هذه الأرض ، وإذا كان هذا السؤال صعبا فليذكروا لنا شهيدا واحدا أو على الأقل قبر لمغربي واحد مات في الصحراء الغربية قبل العام 1975 .

ثالثا : إذا كانت الصحراء الغربية أرضا وشعبا تابعة للملكة المغربية ، والنظام المغربي متأكد من ولاء الصحراويين له ، فلماذا يخاف الإستفتاء الذي هو عملية ديمقراطية إتفق عليها الطرفان وبموجبها تم توقيف إطلاق النار بينهما عام 1991 ؟ ولماذا يلجأ في العام 2007 إلى محاولة فرض ما يسمى “الحكم الذاتي” وبصورة تعسفية على الصحراويين الذين يرفضونه جملة وتفصيلا ولا يرضون بغير الإستقلال بديلا ؟

رابعا وأخيرا : إذا كان النظام المغربي متأكد من مغربية الصحراء الغربية، فلماذا يترنح بحثا عن من يعترف له بسيادته المزعومة عليها ؟ ولماذا يرسم خريطتها على ملابس نادي نهضة بركان في سابقة غير معهودة في عالم الرياضة ، بل وممنوعة كون السياسة لا علاقة لها بالرياضة أو هكذا يفترض على الأقل حسب قوانينها المعروفة دوليا .

أما عن الجزائر ومواقفها من هذه القضية ، فلم تتعود على غض الطرف يوما عن حق مهضوم، خاصة في القضايا المرتبطة بالتحرر من براثين الإستعمار وكل صنوف الإحتلال، فالجزائر التي عانت من حرب مدمرة لأكثر من 132 سنة ضد فرنسا، تعرف جيدا معنى المعاناة، معنى أن تُغتصب أرضك وينتهك عرضك وكل ما تملك، وأكثر من ذلك أن تجد الخذلان من أهلك، فما بالك إن كان الشقيق هو المغتصب، ولهذا ترفض الجزائر رفع يدها عن دعم قضية الشعب الصحراوي العادلة ، وحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال ، حتى وإن كان ذلك في مقابلة لكرة القدم، وهو دعم له وزنه الكبير ويعتز به الصحراويون أيما إعتزاز لأنه نابع من قيم ومبادئ ثورة أول نوفمبر المجيدة .

وللتذكير ليست هناك دولة واحدة تعترف للمغرب بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية، اللهم إذا كانت إسرائيل والطيور في هذه الحالة على أشكالها تقع ، حيث الإحتلال قاسم مشترك بين النظام المغربي وقيادة الكيان الصهيوني ، وذلك بما يعرف عنه من ظلم وهمجية وقتل ودمار ، ومن كذب ومغالطات وتزوير مفضوح للحقائق التاريخية ولمعطيات الشرعية الدولية ، وبالتالي فقميص نهضة بركان المشبوه لن يجعل من بلاد الساقية الحمراء ووادي الذهب أرضا مغربية ، كما أنه لن ينفي صلة الصحراويين بهذه الأرض التي إفتدوها على مر الزمن بدمائهم الزكية وبأرواحهم الطاهرة ، تماما على غرار ما قدمه الفلسطنيون من أجل فلسطين ومازالوا يقدمونه رغم خيانة الأشقاء من المطبعين ورغم سياسة الإبادة الجماعية والدمار الشامل التي تنتهجها إسرائيل اليوم في قطاع غزة وفي الضفة ويحاكيها الإحتلال المغربي بنفس المنهج في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية ، ورغم كل ذلك تبقى الحقيقة الثابة والتي لا مناص منها هي أن إرادة الشعوب لاتقهر وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه .

بقلم : محمد حسنة الطالب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق