كتاب وآراء

لماذا تهمنا الصحراء الغربية؟

جيريمي كوربن

رئيس حزب العمال البريطاني

قادتني زيارة قمت بها الاسبوع الفارط ضمن وفد من المجموعة البرلمانية للصحراء الغربية ضم كل من جون هيلاري من منظمة وور ان وانت و جون غور من المرصد الدولي لحماية الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية للتعرف على الصحراء الغربية، الاقليم الخاضع لسلطة الاحتلال المغربي.
قمنا بحضور ما يربو على العشرين لقاء جمعنا بمعتقلين سابقين، مدافعين عن حقوق الانسان، منظمات نسائية، جمعيات للمعاقين ونقابات عمالية.
من جهة ثانية كان لنا لقاء بكل من حاكم المنطقة الموالي للحكومة المغربية، عامل مدينة العيون، منظمات مدنية موالية للمغرب، المنظمة المغربية لحقوق الانسان والسيد فولفغانغ فايسبروت فيبر قائد بعثة المينورسو التابعة للامم المتحدة التي تم تشكيلها بغية الاشراف على استفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية.
اذا لماذا تهمنا الصحراء الغربية؟
كانت الصحراء الغربية الممتدة من الجزائر شرقا الى المحيط الاطلسي غربا وموريتانيا جنوبا من نصيب اسبانيا غداة تقسيم الكعكة الافريقية بين القوى الاوروبية العظمى نهاية القرن التاسع عشر، ومع نهاية خمسينيات القرن الماضي نالت العديد من المستعمرات استقلالها، حيث انتهت الحماية الفرنسية على كل من المغرب و موريتانيا بينما كان على الجزائر ان تخوض حربا ضروس لنيل استقلالها.وبعد وفاة الدكتاتور الفاشي فرانكو انسحبت اسبانيا من الصحراء الغربية وسلمت ادارة الاقليم لكل من المغرب و موريتانيا مشعلة بذلك حربا في المنطقة بعد محاولة حركة التحرير الوطني الصحراوي جبهة البوليساريو الحصول على تقرير مصير الاقليم.
انسحبت موريتانيا من الصحراء الغربية وهو الشئ الذي لم يقم به المغرب الذي بسط سلطته على كامل الاقليم وعزز تواجده ببناء جدار رملى عازل حول جزء كبير من الاقليم قبل اتفاق وقف اطلاق النار في العام 1991 بينما ستأخذ الالغام الارضية التي خلفتها المواجهة العسكرية عقدا من الزمن لازالتها.
قامت الامم المتحدة بتشكيل بعثة المينورسو التي لازالت لها مكاتب بكل من العيون وتندوف الجزائرية.و لم تسفر سنوات من المفاوضات حول مستقبل الاقليم عن شئ بسبب عدم تفاهم كل من المغرب وجبهة البوليساريو حول طبيعة الجسم الناخب، وهو ما حذى بالامم المتحدة الى تعليق خطة الاستفتاء.
تؤكد الرباط على منح الاقليم حكما ذاتيا ضمن السيادة المغربية بينما اقترح وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر حلا وسطا يقول بالحكم الذاتي مع تنظيم استفتاء لتقرير المصير بعد عشر سنوات، وهو المقترح الذي وافقت عليه البوليساريو على مضض وربما فقط لعلمها بمعارضة المغرب له.
يقيم غالبية الصحراويين والمقدر عددهم ب 100.000 لاجيئ بمخيمات بالصحراء الجزائرية اين يقطن معظمهم هناك منذ سبعينيات القرن الماضي. بينما تسكن بقية الصحراويين كاقلية في الاقليم مقابل اضعاف من المستوطنين المغاربة حيث تعتمد الاغلبية في معاشها على الشركات التابعة للحكومة المغربية او الشبه حكومية.
بلغة القانون يعتبر الاقليم من ضمن الاقاليم التي لم تتم فيها عملية تصفية الاستعمار بعد او بمعنى انه لازال خاضعا للاحتلال، وعبارة الاحتلال هي التي ادت الى بروز معارضة للاتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الاوروبي والمغرب وهو ما يسمح بدخول السمك الصحراوي الى اسواقنا.
يخفي الصراع على الاقليم طموحات وطنية مغربية وثروة معدنية هائلة من الفوسفات المتدفق من الاقليم عن طريق العيون بالاضافة الى كميات معتبرة من الثورة السمكية على امتداد الساحل.كما ان هناك انشطة زراعية مغربية متزايدة بمدينة الداخلة، ثاني كبرى حواضر الاقليم والتي تضم حقول طماطم شاسعة. بعض هذه المنتوجات ينتهي بها المطاف بأسواقنا التجارية.
يتواصل انتهاك حقوق الانسان بالصحراء الغربية من قبل الاجهزة المغربية، فأثناء لقائنا بممثلي تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان “كوديسا” سمعنا عن حالات الاعتقال العشوائي، احتجاز لصغار السن والتعسف ضد المنادين بحق تقرير المصير.كما قضت رئيسة تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان “كوديسا” المرشحة لجائزة نوبل للسلام السيدة امينتوا حيدار سنوات في المعتقل قضت منهم اربع سنوات وهي معصوبة العينين.
شرح لنا رئيس النقابة الصحراوية لعمال الفوسفات انه في العام 1975 كان هناك 24.000 عاملا جميعهم صحراويين كانوا يشتغلون في صناعة الفوسفات بينما تعمل اليوم نسبة قليلة من الصحراويين في هذه الصناعة وبأجور متدنية للغاية.
كانت لنا لقاءات بعائلات فقدت بعض من افرادها واخري لازال ابناءها يقبعون في المعتقلات.
تقوم جميع منظمات المجتمع المغربي التي اسسها المغرب بدعم فكرة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية دون ان يكون لها ادني فكرة عما يعنيه مفهوم الحكم الذاتي. كما تحدثوا حول دور المجلس المغربي لحقوق الانسان، التنمية الاقتصادية والاجتماعية والجوار مع جزر الكناري كما حضر الحديث حول احتمال تصاعد التهديدات الارهابية.
واثناء لقائنا بهم اكد كل من والي وعامل العيون على مقترح الحكم الذاتي كمخرج للمأزق السياسي، موجهين سيلا من التهم للجزائر على استضافتها للاجيئين ودعما للبوليساريو. كما كانت هناك لازمة دائمة تقول بتسييس ملف حقوق الانسان وبوجود حرية تعبير بالمناطق الصحراوية.
مما لاشك فيه ان هناك تنمية خاصة في مجال الطرق ومشاريع البنى التحتية المتعددة بالعيون، كما ان المناطق المحتلة عمليا هي مناطق حرة من جباية الضرائب ورواتب المستوطنين هناك مرتفعة مقارنة بالرواتب داخل المغرب رغم ما يشكله ذلك من عبئ ثقيل على الحكومة المغربية، وعندما غادرنا اقامة العامل لحضور مظاهرة تم تنظيمها باحد شوارع المدينة احسسنا باختلاف كبير.
سيتم تمديد مأمورية المينورسو لعهدة جديدة بداية من منتصف شهر ابريل وتطالب جميع المنظمات الصحراوية المدافعة عن تقرير المصير بضرورة تضمين مأمورية المينورسو ميكانيزم لمراقبة حقوق الانسان والتقرير عنها وهي المنظمات التي تدعو الى مظاهرات كل شهر من اجل التحسيس بذلك.
توجهنا الى الشارع اثناء عصف الرياح وهطول المطر لحضور مظاهرة كان من المزمع تنظيمها. هناك شاهدنا عربات محملة بشباب تم توزيع العصي عليهم لاستعمالها في ضرب أي شاب تتم رؤيته يعبر الشارع او يمشي بمحاذاته. لكن سرعان ماتم تفريق الحشد المتواضع الذي كان يهم بالتجمهر.
تم ايقاف سيارتنا وهمت الشرطة باعتقال سائقنا وهو عضو بالكوديسا بتهمة مخالفة اشارات المرور كما تم سحب سيارته بعربة تابعة للشرطة. وعندما بدأت العربة بجر سيارتنا كان لايزال اثنين منا بداخلها. وبعد ساعة من الجدل وبحضور عضو من مجلس حقوق الانسان المغربي تم اطلاق سراح سائقنا واتفقنا على مغادرة المكان بصحبته. ومع ذلك تم جر السيارة لاعتقاد الشرطة بان الاولوية للتأكد من اوراق السيارة لايجب ان تتم الا بمصادرتها، وهي العملية التي شارك فيها 30 شرطيا.
في ساعة متأخرة من الليل صرح الوالي باننا قمنا بتحريض الشباب على التظاهر من خلال حضورنا. وفي صباح اليوم التالي التقينا سيدة تعرضت لجروح بالغة بذراعها بعد محاولتها الانضمام لصفوف المتظاهرين.
خلال كامل زيارتنا تمت مرافقتنا من قبل سيارات ودراجات نارية مموهة تابعة للشرطة، كانت تطاردنا في كل مكان وتنتظر خروجنا عند كل اجتماع كنا نعقده.
ان غياب حل واضح حول مستقبل الصحراء الغربية قد وضع المستوطنين في مواجهة مع السكان الاصليين في بعض الاحيان، كما عزز من حضور الجيش وقوات الامن بالمنطقة.
اذا لماذا خرب نزاع يعود لحقبة الاستعمار حياة الشعب الصحراوي؟
من هنا ندعو لوقف استغلال الثروات الطبيعية للشعب الصحراوي مادام لا يوجد هناك اتفاق يمكنهم من تقرير مصيرهم، وهو الشيئ الذي لم يمكنوا منه حتي اللحظة.
كما يجب على الامم المتحدة تجديد مأمورية المينورسو وتضمينها الية لمراقبة حقوق الانسان على طول الاقليم.
ملاحظة: المقال كتبه زعيم الحزب العمالي البريطاني جريمي كوربين ونشرته صحيفة المورنينغ ستار بتاريخ 19 فبراير/شباط 2014.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق