كتاب وآراء

احذروا خبث الخبثاء ومكرهم يا اصحاب النوايا الطيبة فانتم المستهدفون:

قد يفوت بعضنا ان الجيل الرابع من الحرب الحديثة  يعتمد فيه كل طرف على انهاك خصمه وجعله يتآكل بثبات وبطيء لارغامه على الرضوخ لارادته في نهاية المطاف. فهو لا يركز على التدمير المادي الذي نألفه في الحروب التقليدية وانما على التدمير المعنوي وافراغ مواطن قوة الخصم من محتواها وقوتها الداخلية لجعلها هيكلا بلا روح بهدف زعزعة استقرار يُنفذه مواطنو البلد المستهدف لصنع فشل يتولد عنه فشل دائم، بدلا من الانهيار المادي السريع الظاهر للعيان والذي تتولد عنه ردات افعال  يتجتها الجيل الرابع من الحرب على عادته.

إن هذا النوع من الحروب الحديثة يعتمد على المكر والخداع والتزوير ويتسم بالتركيز الدائم المموه لتحقيق اهداف خفية ثمينة لا يعرف عنها منفذوها الا القليل اليسير، لانها حرب خفية لا عجلة فيها، تدار بالوكالة بوسائط حديثة غير ملموسة، يعني تخريبا تدريجيا لما يدور في مخيلة الانسان اولا، ليتحول الناس الى قطعان هائمة تختلط لديها المفاهيم والعدو بالصديق، وتشل القدرات الوطنية للبلد العدو، بل ويتم تحويل نقص الامكانيات فيها الى وجه آخر من وجوه الحرب، وهو عمل مدروس ومنظم بدقة. وبما انها حرب باردة قد يظنها البعض رحيمة وهي اشرس الحروب واقلها رحمة وابعدها عن الشفقة، فماهي الا الحرب الهمجية بمنتهى الظلامية وغموض بالاساليب، ان هذه الاستراتيجية  تعني في هدفها ما تهدف له اية حرب مع تغيير في الاساليب والتمويه الجيد لها بشعارات تلائم عقلية كل مجتمع لان مدبروها خبراء في السياسة وعلوم الاجتماع وليس بالاعتماد على الخبراء العسكريين، فتهتم باستنزاف القدرات وتدمير المعنويات على مراحل وقتل الاستعداد لتحقيق الاهداف، وجعل العدو ينشغل بنفسه، بل وحتى شغله باشياء تافهة متعددة ليتناسى المهم والاهم، اي افتعال الازمات والتفنن في ادارتها وتعقيد حلولها لتتراكم وتتولد عنها مشاكل اكبر واصعب.

ان الوقع السلبي للجيل الرابع من الحرب الذي تواجهه قضيتنا، خاصة منذ توقيف اطلاق النار، يعتمد على وقائع صغيرة ترافق الثواني ترتبط بحياة الناس اليومية، مما يجعلها تحدث دون ضجيج، فلا تثير الانتباه، وتتراكم في غفلة منا، متحولة من حصى دقيقة لا ترى، الى كثبان تقطع الطريق وتغبر الزاد، ان الكلمة “الشينة” والاخطاء الذاتية والقيل والقال وعدم ضبط تصرفات المسؤول وغير المسؤول في الاوقات الخاصة وغير الخاصة والاشاعة والدعاية المعادية المغرضة المبنية على الكذب والبهتان والزور واحيانا على قليل او كثير من الحقيقة وعدم مواجتها في الميدان وسكوت الاطارات والمناضلين عنها وعدم مواجهتهم للواقع السلبي بافعالهم واقوالهم لكسر شوكة العدو، وحجومهم عن الاجتهاد في المواجهة المباشرة له وغياب النقد الذاتي، لهي النافذة التي يتسرب منها السم القاتل لمشروعنا الوطني، وكأننا نيام، وبما اننا لن نرضى بسلخها الى الرقبة وتركها للضباع تأكلها، فلا بد من استنهاض الهمم والتشمير عن السواعد والمواجهة حتى النصر، ان شدتنا في المعركة جعلت العدو ييأس من هزيمتنا ميدانيا، ولذلك إستبدل اسلوب حربه من خيار انهزم فيه الى آخر خبره ونجهله نحن، طمعا في تحقيق نصر يتعطش له منطلقا من حسن نوايانا “فطمع في عقولنا”، والغاية تبرر الوسيلة دائما، والحرب خدعة… ان الحرب لم تتوقف بعد، وإن تغيرت اساليبها فالمهم هو من يربحها، وهذا رهان لا مناص منه.

والنصر أكيد بعون اللّٰه.

محمدفاضل محمداسماعيل obrero

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق