مقالات

أشاطرك أخي عبداتي فيما تعانيه اللغة العربية اليوم ، وأضيف …‎

محمد حسنة

اخي عبداتي لقد حيرتني والله اعجابا وتواضعا ، حين تزج بنفسك كمثال سابق للذين كانوا أو مازالوا يتخبطون في اصول اللغة العربية ، صدقني لقد ذكرتني بقصيدة لحافظ ابراهيم حفظتها مذ كنت في المتوسطة ، ينعي فيها شاعرنا الكبير ما آلت اليه اللغة العربية من تدن وتدهور على ايدي اهلها وهي الغنية بكل شئ إلا ما كان على سبيل الإختراعات العلمية والتكنولوجية الآخذة في التطور والإنتشار ، وهنا عجز اربابها عن تطويرها وجعلها تساير كل جديد بكلمات عربية اصيلة وغير مقتبسة اللهم إلا ما كان معارف عليه عالميا كمصطلحات علمية شائعة في كل اللغات .
يقول حافظ ابراهيم في قصيدته هذه واضعا نفسه مكان اللغة العربية وماتعاني منه :
 رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي.
…….. الى آخر القصيدة
اخي عبداتي اللغة العربية جميلة ، غنية وقريبة من الوجدان في كل شئ ، وتكون اجمل واكثر عذوبة حينما يعتد بأصولها وإحترام قواعدها واتباع اسلوبها الذي لايقبل التأويل إلا إذا كان على سبيل الإستعارة أو التلميح أو التضمين ، وهذه من ضمن العديد من المحسنات البديعية التي تزخر بها اللغة العربية شعرا ونثرا ، ناهيك عن جملة من القواعد النحوية والإملائية والتراكيب المختلفة التي تضفي _ اذا ما تم احترامها _ على النصوص الأدبية وغير الأدبية رونقا وفتنة واعجابا مصدره هذه اللغة المعجزة التي نزل بها القرآن الكريم دون غيرها .
أخي إن كل ماذهبت اليه في مقالك هذا هو حقيقة مقززة واقعة ومنتشرة لدى الكثير من النخب لاسيما في وقتنا الحالي ، والإمر يعود الى ” بيع التزيرة ” وعدم الإهتمام ، و الجنوح في بعض الأحيان حتى الى إعتماد كلمات ليست من العربية في شئ ، هذا فضلا عن التركيز على الفكرة دون مراعاة الأخطاء المختلفة التي قد ترد في العبارة او النص المكتوب .
أخي لا اخفيك سرا ، اذا قلت لك أنني كلما أكتب نصا إلا وكانت هذه القصيدة الرائعة حاضرة في ذهني ، وصدقني أنه يؤلمني كثيرا أن انشر نصا به خطأ فمابالك إن تعددت ، نفس الألم ينتابني بحدة حين أقرأ لكاتب أو اسمع معلقا ، راويا او مذيعا تتكرر لديه الأخطاء القاتلة لفظا ونحوا ، وأنت تعرف المشكلة اللفظية التي يعاني منها الكثيرون من مثقفينا اليوم ، كونهم لايفرقون بين ” القاف ” و ” الغين ” ومشكلتهم مع نطق وكتابة بعض الكلمات مثلا ك : ” الوجود ” التي ينطقونها ويكتبونها “الأوجود” وقس عليها ماشابهها وهذه تفقد حتى الشخص المثقف خاصة اذا كان  كاتبا ، صحفيا ، قارئا أو معلقا بعضا من الإحترام الذي قد لا يشعر به مثلما لم يشعر بأخطائه الفادحة .
في الأخير أنصح كل من يستعمل اللغة العربية كأداة للتعبير كتابة أو لفظا ، أن يراجع كتاباته والمواضيع التي سيقرأها على المسامع ، قبل أن يصبح محل استهزاء من القلة العارفة بأصول اللغة العربية وأصولها ، وأقول “القلة” لأن الكثيرين لايفقهون قواعدها ، وهذا يعود لعدم ثقافتهم ، أو لمحدوديتها ، أو لإختصاصاتهم المختلفة .
ورغم ذلك الفت الإنتباه الى أن اسم بلدنا الحبيب هو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، وورود ” العربية” في هذا الإسم يفرض علينا الإعتزاز بهذه اللغة وتعلم اصولها وقواعدها ، والأكثر من ذلك ونحن المسلمون ، يتعين علينا إجادتها حتى نتفادى التأويل او الإضغام أو التحريف أو تغيير أي حركة في كتاب الله العزيز الحكيم .
تعجبني بعض الوسائط التي تحرس على تفادي الأخطاء ، مثلها مثل بعض الأشخاص ، الذين اخذوا يطورون معارفهم في لغة الضاد ويعملون على مراجعة اعمالهم وتنقيحها قبل نشرها او سماع تلاوتها أو إذاعتها على المسامع .
اخيرا اتمنى أن أكون قد اضفت شيئا معرفيا الى كل أولئك الذين تستهويهم اللغة العربية ومازالوا يجهلون الكثير من قيمتها التي تتجلى في قوتها وثرائها وتوظيفها بطريقة سليمة من الأخطاء والعيوب .
ولك تحياتي اخي عبداتي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق