كتاب وآراءمقالات

في رحاب المؤتمر الخامس عشر( I): اختصار المؤتمر في الانتخابات

بقلم السيد حمدي يحظيه
كنت قرأت في مواقعنا الوطنية مقالين أو ثلاثة لإثنين من مثقفينا هما، بالاسم، محمد لحسن وحمادي البشير، واوحت لي كتابتهما المعتبرة أن نبدأ، كلنا وأينما تواجدنا، حوارا على صفحات الجرائد نناقش فيه ما استطعنا حول المؤتمر الخامس عشر. لقد استفزتنا صرخة محمد لحسن وحمادي البشير حين قالا، بالكثير من الحسرة، أن النخبة غائبة، وأنها تركت شعبها لوضع غير طبيعي، وأن المشروع الوطني يحتاج إلى صحوة سياسية وثقافية قبل فوات الأوان، وأن المؤتمر فرصة لحوار النخبة. في البداية اؤكد أنني متأكد أن الكثيرين أو الأغلبية ستقول أن الكتابة أو الاقتراح أو تقديم الافكار في واقع مثل واقعنا هو كتابة على الرمل أو على الماء أو هو حديث مع الجبل: لن يتم الأخذ به، وسيكون مثل اقتراحات المشاركين في الندوات التحضيرية للمؤتمر  الذين يتقدمون بسيل من الاقتراحات وفي النهاية توضع في الكيس المثقوب. إذن، سنكتب كي نبقى على اتصال مع واقعنا ومع شعبنا وحتى لا يتم اتهامنا، كأشباه مثقفين، أننا قصرنا، وتركنا شعبنا لوضع غير طبيعي. انها دعوة مفتوحة أن نكتب كلنا سواء كنا من النخبة أو من المثقفين المتواضعين حتى نبريء ذمتنا. نكتب بوعي وبتمعن ولا نسقط في الخطاب الضييق والمغلق.

بالعودة إلى أجواء المؤتمر نبدأ من حيث انتهى حديثنا حول الشاي آخر مرة. في المؤتمرات التي سبقت المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد في نهاية شهر ابريل 1989م، كان المؤتمر محطة مهمة في واقعنا: كنا نحدد الاستراتيجية الداخلية لوضعنا، نحدد شعار المرحلة، وكان النقاش يتمحور حول القضية الوطنية وكنا نخرج بخطة واضحة ملزمة التطبيق. بعد المؤتمر المذكور أصبحنا نذهب إلى المؤتمر كي ننتخب الأمانة الوطنية فقط. المدة المحددة للمؤتمر هي ثلاثة أيام ونحن أصبحنا نقضي منها يومين في الانتخابات،  وفي خضم اللغط والتسابق للفوز بمقعد في الامانة، وفي خضم الفوضى والغبار الذي يصعد من تحت أرجل المتنافسين، وفي غمرة الاحتفاء بالديموقراطية الانتخابية يتم نسيان الوطن والعدو والإستراتيجية، ويذهب المواطن إلى الكنترول. يعني أننا أصبحنا نذهب الى المؤتمر كي ننتخب الأشخاص فقط، بل إن الكثير منا يذهب متحمسا ومتعصبا إلى درجة نسيان أن المؤتمر هو للنقد والتفكير والخروج بخطة. الحماس للانتخابات يخلق الخلافات ويعمق التفرقة ويحول المؤتمر من مؤتمر جامع إلى حلقة صراع للأشخاص الطامحين إلى كرسي مفخخ في الأمانة الوطنية. أدى  غياب الجانب التنظيري الضروري لأية ثورة ولأي مشروع وطني إلى زيغان وتشتت فكري جعلنا نبحث عن البديل ونجده في ديمقراطية الانتخاب فنحولها من عملية تقنية بسيطة الى عملية معقدة تختصر كل شيء بداخلها، وتصبح هي الكل في الكل. فما أن يتم الإعلان عن تشكيل لجنة التفكير أو اللجنة التحضيرية للمؤتمر حتى تبدأ حمى الانتخابات. يبدأ هؤلاء الذين نسميهم “إطارات” يسخنون الجو الساخن أصلا، ويبدؤون يطحنون المواطن المطحون اصلا، وتبدأ التحالفات والتكتلات وشراء الذمم، ويتم نسيان الاستراتيجية والتسيير والتغيير، وبنسياننا لذلك ننسى الوطن وننسى العدو. حين ينتهى المؤتمر لا تسمع أحدا يتحدث عن ماهي القرارات التي خرج بها المؤتمر، ولا ما هي الخطة المقبلة، لكن تسمع السؤال الغبي: من فاز بمقعد في الامانة، ومن سقط ومن ترشح. كأننا إذا انتخبنا فلان أو علان سيأتي لنا بالنصر المؤزر.
فما دمنا سقطنا في مستنقع الإنتخابات واختصرنا المؤتمر فيها فبكل تأكيد سيكون المؤتمر القادم نسخة بالكربون للمؤتمر السابق. اي مؤتمر لا يخرج بخطة أو بإجراءات جديدة هو فاشل وغير مهم، ولا نستطيع ان نطلق عليه اسم مؤتمر تاريخي. الآن تتكرر الشكوى الروتينية القائلة: ” المؤتمر سيكون مثل الذي سبقه. ” هناك اشياء كثيرة أهم من الانتخابات اتنتظرنا.
المقال القادم: المؤتمر والتغيير
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق