كتاب وآراء

رياح الصحراء …

بالأمس ككل الشعوب كنا نطالب بالنقد وبكلمة مُجامِلة معارضة أساليب التسيير وجرنا الى المعارك الصغيرة…
يريدوننا ان نقف على كل عجان ونقدم له النصائح الجاهزة في كيفية ادخال يده في الصحن وكم يستغرق وقت الخلط وعدد ضربات العجن دون ان تغبر او تصبغ ملابسنا بودرة الطحين ولا ان نقدم احترامنا للعرق الذي يتصبب من الجباه السُّمر،,,
يريدون ان يتحول كل شيء الى بيتزا إيطالية، وخبز فرنسي، كما في صور الملصقات والدعايات في وسائل الاعلام الغربية…
وككثير من الكتاب والمفكرين الحديثي العهد يعتبرون ان الكتابة الحديثة اذا خلت من النقد متخلفة ومهلهلة ورثّة، حتى ولو كانت معارضة للنبل وشهامته والخلق وعراقته، المهم هو التغيير ولو بعدسات واحداق تغير صبغة العين ولونها وتتحول العين الحوراء الى رمادية اسكتلندية شهباء…
كانوا يطالبون الكاتب أو المثقف أن يقف في الطابور البطيء الحركة، الذي يمشي بساعة اليوم الصيفي…
اليوم نحن بحكم الواقع أصبحنا، نحن الذين كنا ندافع عن أصل حبة القمح وتربة المنشأ، وطريقة الغرس الصحيح وعمق الجذر وماء السقي قلة، وأمسينا نحن آنيا هم المعارضة، اصبحنا نحن الذين ندافع عن الملحفة لا كقطعة قماش للزينة والرقص والتباهي، بل للستر والحياء وصون الهوية في قالبها الحقيقي…
نحن الذين آمنا أن المرأة العربية يمكن أن تحمل السلاح وتلبس الملابس العسكرية دون ان يخدش حياءها ولا يتحول بدل وسيلة لتسهيل الكفاح الى ملابس ضيقة تكشف ما تأبى عنه الجدات والامهات الكريمات العفيفات…
نحن الذين يوما كنا تخلينا حتى عن الدراعة وابدلناها في جبهات القتال بالبدلة العسكرية رمزا لروح القتال وهوية المرحلة ولم يهمنا من يوسمنا بان نتحول في نظرهم وتصورهم الى عقل متحجر فلم تكن تلك البدلة الا رمزا للمقاتل البطل الكريم النفس النبيل الخلق والذي يكرمك ويحتفي بك كما يفعل في بيته فهو السيد وخادم القوم هو سيدهم.
الدفاع عن الأهداف الكبرى أصبحت أهله نادرة قليلة والتي أهمها تلك السلالم والدرجات التي يجب أن لا نقفز من فوقها بل نرتقيها ونصعدها درجة درجة…
درجة الوحدة الوطنية هي الأولى
قال الشاعر المرحوم الحكيم بادي ولد محمد سالم في وصيته قبل وفاته:
يا الشعب السمعك مرفوعْ
لا دير الوحدة فانزاعْ
لا ترظي بيها مفكوعْ
ولا تصيفط بيها طمّاعْ
ثم بعد ذلك وحدة الهدف وسياسته وفكره وتقوية الجناح المسلح لجبهة البوليساريو جيش التحرير الشعبي الصحراوي
ثم الدفاع عن مؤسسات الدولة الصحراوية دولة كل الشعب الصحراوي التي سقطت قوافل الشهداء من اجل بنائها والعهد معهم يكون بالاعتزاز بها والحفاظ عليها بتقويتها وتمتينها وتطويرها..
وهكذا نصل الى التفاصيل الصغيرة اين يختبئ الشيطان كما يقال في طرق التسيير واساليبه والتي يجب ان تكون تعتمد على الواقع المعاش وطرق تطويره حسب الإمكانيات البشرية والمادية والخطط والبرامج المسطرة ابتداء من المؤتمر الشعبي العام، وكلما أنجزت كما ينبغي تقدمنا والعكس صحيح.
الأهداف الكبرى تبقى كبرى والاهداف الصغرى تبقى صغرى والطريق الرئيس يبقى هو طريق الشهداء والطرق الفرعية جانبية دائما.
وشعبنا ظل كبيرا بفهمه لمستقبله كقيمة عظيمة والذي لا يتم الا بتحقيق الأهداف الكبرى بوعيه وفهمه وبعقله الراجح وفهمه العميق الذي تكسرت على صخرته كل المعاول والمطارق.
شجرة الشعب الصحراوي ستظل تتساقط منها أغصان يبست، واوراق اصفرت.
رياح الصحراء لا تبقي الا من صلب عوده وقويت عزيمته وتجذرت عروقه.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق