بقلم السيد حمدي يحظيه
تعاني موريتانيا من ضغط المغرب سواء كانت محايدة أو غير محايدة في قضية الصحراء الغربية. مشكلة موريتانيا مع المغرب هي انها تسايره في نفس السياسة التي يرسمها هو لها مما يوحي اليه انه على صواب. المغرب ينظر إلى موريتانيا على اساس انها جزء ” تاريخي” من مملكته، وينظر اليها على أساس انها غير موجودة، ويتعامل معها على أساس ان له حدود معها، ومقتنع انه يستطيع فرض الآمر الواقع عليها. وحتى تحاول تحاشي ضغوطاته رسمت لها سياسة اسمها “الحياد” اتجاه قضية الصحراء الغربية. المشكلة ان المغرب يرفض هذا الحياد، وبما انه يتعامل معها على اساس انها طرف ضعيف فهي يريدها ان تذعن لإملاءاته فيما يخص قضية الصحراء، ولا يريدها ان تتقرب من الصحراويين ولا من الجزائر، ويرسم لها خطا واضحا وهو انه حتى يرضى عنها يجب ان تقف معه في قضية الصحراء الغربية. بالنسية للمغرب موريتانيا، اذا لم تدعمه في قضية الصحراء الغربية، فهي لا تساوي حبة بصل ولا حبة ثوم. فمثلا اذا عقدت موريتانيا صفقات اقتصادية أو تجارية مع الجزائر أو جنوب إفريقيا فهذا يعني انها ضده في قضية الصحراء الغربية، واذا زار وزير خارجية موريتانيا الجزائر فهذا يعني ان موريتانيا أصبحت ضده في قضية الصحراء الغربية، واذا اشترى التجار الموريتانيون البطاطا من جنوب افريقيا فهذا يعني أن موريتانيا أصبحت ضده في قضية الصحراء الغربية.
بالنسبة للطرف الصحراوي لا ينتقد موريتانيا لحيادها في قضية الصحراء الغربية، ويحترم موقفها ولا يريد التدخل في سياستها الداخلية والخارجية، وحتى يحترم لها ان تتعامل مع المغرب، بشرط ان لا يكون ذلك على حساب الشعب الصحراوي وقضيته المقدسة. تكرر موريتانيا شريطها الممل كل يوم انها ” حيادية” لكنها لم تفهم خلال حوالي نصف قرن ان المغرب لا يعترف لها هي وحدها من كامل المعمورة بالحياد. الحياد هو أغنية تغنيها موريتانيا لنفسها ولا يسمعها غيرها. يقول الرئيس الموريتاني الحالي: نحن كنا في الحياد neutralite) )وأصبحنا في موقف (impartialite)، وحين ندقق في الفرق بين الموقفين/ المفردتين نجد ان الأول يعني الحياد والثاني يعني الحياد، واقرب مثال لهذا هو اننا يمكن ان نختلف حول معنى عنصر الماء: واحد يقول هو الماء والثاني يقول هو H2O.
وما لم تفهم موريتانيا ان حيادها غير مقبول من طرف المغرب ستظل تغني اغنيتها ، وستظل تتخبط في البحث في القواميس عن مفردات اخرى غير neutralite و impartialite.
